أدوات الانتقام القذرة في اليمن

 

يستطيع الحوثيون أن يروجوا خرافاتهم للقطيع الذي يتلقف إفكهم وافتراءاتهم كيفما كان، لكنهم لن يستطيعوا أن يقنعوا أحدا – بما فيها عناصر القطيع نفسه- أن ما يقومون به ثورة، ذلك أن للثورة أخلاق، وقد أثبتوا أن بينهم وبين أخلاق الثورة أبعد مما بين المشرق والمغرب، وهل من الأخلاق اقتحام المساكن ونهبها؟

وماذا عن مداهمة المؤسسات العامة والخاصة والسطو على ممتلكاتها؟

  كان بإمكان القيم النبيلة- حال وجودها- أن تحول بينهم وبين ارتكاب الحماقات التي أثبتت افتقارهم للقيم التي افتقر إليها آباؤهم حينما نهبوا كل شيء في صنعاء عقب ثورة 1948. مع فارق طفيف أن الآباء لم يتحرجوا من كونهم نهابين ولصوص، بينما الجيل الثاني بات يطلق على نفسه “لجان شعبية” أحيانا، و”مسيرة قرآنية” أحيانا أخرى.

الجيل الجديد يمارس القتل باعتباره أحد طقوس المسيرة القرآنية، ويقوم بالسرقة بوصفها من اختصاص اللجان الشعبية،

والحقيقة أننا أمام جيل منتقم من التاريخ والجغرافيا والبلد والسياسة والدولة والثورة، مهما وضعوا على أنفسهم من أدوات التجميل ومساحيق الخداع، لأنها لا تلبث أن تذوب كلما لامست شمس الحقيقة.

كان بمقدور اللصوص الحوثيين أن يوهمونا أن ما قاموا به ثورة ضد الفساد لو رأيناهم يواجهون فاسدا واحدا من الفاسدين الذين بقوا في صف زعيم الفساد حتى آخر لحظة.

أما من تركوا صالح فقد أصابتهم لعناته عبر أحقر أدواته، وهل كان سيجد أنسب من هذه الأدوات وأقذر منها لممارسة الانتقام الدنيء؟

هاجمت عصابات الحوثي منازل ومؤسسات خصوم صالح، ولو قرروا مهاجمة خصومهم لكان صالح أول هدف لهم، لأنه ببساطة حاربهم ست مرات وشردهم سنوات، وقتل سيدهم شر قتلة.

لم تكن توكل كرمان ضمن الجيش الذي حارب الحوثيين في صعدة، ولكنهم اقتحموا منزلها بصورة تليق بهم وبافتقارهم للقيم والأخلاق.

ولم يشارك طلاب جامعة صنعاء الذين تعتدي عليهم لجان الحوثي الشعبية وبشكل شبه يومي، في أي مواجهة عسكرية بصعدة ضدهم، ومع ذلك فلا زالت ممارسات ميليشيا الحوثي تمارس الانتقام بحقهم، وغالب الظن أن للموضوع صلة بتصدر الجامعة ومنتسبيها للثورة الشعبية ضد نظام صالح.

منذ سقوط العاصمة صنعاء في قبضة الميليشيا قبل أكثر من شهرين، لم تستطع آلة التضليل الحوثية أن تقدم تفسيرا مقبولا لانتقامها ممن قرروا مواجهة صالح في لحظة تاريخية.

بل لم تحاول أبواق الحوثي بصراخها المشئوم أن تجيب على السؤال: ما الذي يجعلهم يركنون إلى صالح وهو الذي قاتلهم – كما زعموا- في ستة حروب أكلت الأخضر واليابس؟

ما دام صالح ورجاله الفاسدون يسرحون ويمرحون بحماية عصابات الحوثي، فلا مناص أمامهم من الاعتراف أنه هو من يقود انتقامهم ويوجه دفة إجرامهم، صالح هو ربان سفينة الحوثيين، لأنه أجاد التموضع فوق ظهورهم التي عرف كيف يجعلها رخوة وسهلة الامتطاء.

كان البعض يتساءل: من يركب الآخر؟ هل صالح يركب الحوثيين أم العكس؟

فجاءت الأحداث لتجيب قائلة بوضوح: ركب الحوثيون فوق صالح ورجاله وبقايا سلطته الفاسدة حتى وصلوا صنعاء، وبعدها جاء الدور عليهم ليمتطي صالح ظهورهم ويقودهم إلى حيث تقوده رغبته في الانتقام، وما كان له أن يجد أقدر منهم على القيام بهذه المهمة التي تتطلب قدرا وافرا من السقوط الأخلاقي.

ولعل صالح يتورع عن ممارسة الانتقام بهذه الطريقة فقرر أن يجعل منهم قفازات تحمل عنه نجاسة ما يقدمون عليه.

باختصار.. الحوثيون أدوات قذرة قرر صالح في لحظة انهيار نفسي أن يستخدمهم، أما حكاية أنهم ثوار فتلك مسخرة ليس بوسع عاقل أن يتقبلها.. 

تعليقان على “أدوات الانتقام القذرة في اليمن”

  1. باختصار.. الحوثيون أدوات قذرة قرر صالح في لحظة انهيار نفسي أن يستخدمهم، أما حكاية أنهم ثوار فتلك مسخرة ليس بوسع عاقل أن يتقبلها..

    هذه هي العبارة الاخيرة التي تخرج بها كخلاصة لكيل الادانات اللفظية والمقاربات الادبية لما يمكن ان يقال عنه أنه شتيمة ، وليس تحليلا أو ادانة تتحرى الموضوعية ، لدرجة انك لم تداري “التشفي بأثر رجعي ” عندما تقول : قتل سيدهم شرقتلة .

    ليست الشتائم , ولا فحولة الخطاب النقدي من الادوات التي يمكن بها ترميم الواقع او اصلاحه ، ولست اعرف كيف ترتب المشهد السياسي في اليمن لتخرج منه بخلاصة شتيمة طرف واحد باعتباره حمالة الحطب التي تلقفت كل اخطاء الاخرين لتحمل وزر نفسها والاخرين ايضا.

    فما يخطىء فيه الحوثيون اليوم قد سبقهم فيه صالح وحلفاؤه الاخوان وشيوخ حاشد عام 1994 بصورة يندى لها الجبين ، ضد الجنوب ومقدراته.

    وما فعله الحوثيون اليوم بثورتهم التي تتكىء على عكاز واحد وتنتقي الفاسدين الذين الين تثور عليهم ، قد فعله الاصلاح في ثورة فبراير عام 2011 ، فالحوثيون اليوم غضوا الطرف عن صالح كونه سندهم ، وكذلك فعل حزب الاصلاح وجوقة المشترك عام 2011 عندما غضوا الطرف عن اركان النظام الذين انسلوا من سفينة النظام وقفزوا الى احشاء ثورة الجموع المقهورة ، وبمباركة حزب الاصلاح وجوقة المشترك التي احتكرت لنفسها من دون الناس ثورتهم.

    مايريده الحوثيون اليوم من ترسيب مليشياتهم في انبوبة الجهاز الامني والعسكري وتجنيد الالاف من اتباعهم قد فعله اللواء علي محسن وعلي عبدالله صالح وحلفائهما طيلة عقود ، وفي عام 2011 جند كل منهما الالاف من اتباعه.

    ليس في كل ما يفعله الحوثيون من جديد ، انهم فقط نسخة مطورة من اخطاء أو مثالب وجنايات مزمنة في حياتنا ، اخطاء يختلف مرتكبوها فقط من فترة لاخرى ، لكن جوهرها يبقى واحد.

    تحياتي.

    1. الاخ عبدالحليم..
      آمل أن تجد في ما كتبناه نقدا لممارسات نتفق أنها خاطئة، بعيدا عن (الشتيمة وفحولة الخطاب والتشفي..).
      أما أن نسكت عن ما يرتكب اليوم من ميليشيا الحوثي لأن غيرهم أخطأوا – برأيك فهذا ما لا نوافقك عليه.
      هل نسكت عن جريمة القتل حينما تحدث لأن أحد القتلة مارس القتل في الماضي؟؟
      مع التأكيد على أن ما يحدث اليوم هو أخطر ويدفع بالبلد نحو المجهول لأن الفاعل هنا ميليشيا وليس سلطة أو حزب سياسي.. مع أننا ندين كما أدنا من قبل أي استخدام سيء للسلطة والقوة والسلاح للإضرار باليمن واليمنيين.
      وأنا سعيد بك وبتعليقك الحليم والحكيم يا عبدالحليم..
      وتحياتي لك ولعقلك المستنير

اترك رداً على عبدالحليم الصلاحي إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *