ماذا تكتب في مدونات عربية؟

 

 

يتكرر طرح هذا السؤال كلما عنت الفكرة لكتابة مدونة جديدة، بعد ما ظل السؤال مطروحا بصيغته الإجمالية منذ البدء في التدوين على منصة “مدونات عربية”، الموقع الذي يضم نخبة من المدونين والكتاب العرب من دول عدة، ومردّ هذا السؤال يرجع إلى تموضع الموقع في منزلة بين منزلتين إن صح التعبير، فهو يتوسط بين العام والخاص، إذ الأول يُعنى بالشأن العام كما هو حال المواقع والصحف والوكالات الإخبارية، بينما يقتصر الثاني (الخاص) على الشئون الخاصة وفق ما يمكن ملاحظته في غالبية المدونات الخاصة.

ولقد بدا هذا التموضع واضحا منذ الكتابات الأولى لرواد “مدونات عربية”، الذين تنوعت كتاباتهم وخواطرهم وانطباعاتهم لتشمل أكثر من مجال وفي أكثر من صعيد، وفي مختلف الدول والأقطار العربية، واستطاعت هذه المدونات أن تجعل مضامينها تعبيرات خاصة عن الشأن العام، أو هي قضايا المجموع يعاد صوغها وفق منظور الفرد، وبلسان وفكر عربيين، يجيدان التعبير عن وحدة العرب والعروبة هما وحلما.

وفيما يخص بلدي اليمن، إذا ما طرح السؤال أعلاه عن اختيار موضوع جديد للكتابة فلن تجد أفضل من القديم وأسوأ منه أيضا لكتابة مدونة جديدة وجادة، ذلك أنك حين تحاول أن تنكأ جرحا جديدا فليس أمامك سوى استعراض قائمة الجراح الغائرة التي مصدرها في الغالب واحد له صلة بغياب دولة المؤسسات الضامنة للحقوق والحامية للحريات والحارسة للأرواح والممتلكات.

أحيانا نجد أنفسنا تتكرر وهي تخوض في الموضوع ذاته أكثر من مرة، لكنه الخيار الوحيد رغم كونه يبعث على الملل والسآمة،

أن تكتب عن ميليشيا باتت تسيطر على دولة وشعب، يعني أنك ربما تكتب يوما آخر عن دولة سقطت في قبضة الميليشيا، أو حين تكتب عن عصابة تقرر مستقبل البلد، لا يعني أنك تقصدها حين تكتب مرة أخرى عن بلد خذله العقلاء وسملوه – على طبق من فضة- للعصابة التي كنت تعنيها في مدونة سابقة، وحين تناقش أسباب انهيار الوطن في هاوية الصراعات العنيفة، هل تكرر ذاتك حين تكتب عن تداعيات الانهيار ذاته ليس في ما يتعلق بالصراع نفسه ولكن فيما يخص الأوضاع المعيشية وتردي الخدمات.

تتكرر الموضوعات حينا لأن المأساة تكرر اقتحامها على البلد ومواطنيه، وتتعدد الموضوعات حينا آخر لأن المأساة لها وجوها عديدة.

وصدق الشاعر حين قال عن وضع يشبه وضعنا:

كلما قلنا عساها تنجلي   قالت الأيام هذا مبتداها

       

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *