أرشيفات الوسوم: اليمن

يحدث هذا في اليمن فقط..

 

  • في اليمن فقط.. يقتل الجنود على يد عصابات مسلحة، في شمال البلاد يقتلون من قبل الحوثيين الشيعة لأنهم “سنة تكفيريون”، و في الجنوب يقتل الجنود من قبل عناصر القاعدة لأنهم “شيعة روافض”.
  • في اليمن فقط.. يتعرض الشعب لأكثر من حرب في الشمال و الجنوب و الشرق و الوسط و الغرب. حرب في قطع الطرقات و إغلاق الشوارع و أخرى في ضرب أبراج الكهرباء و ثالثة في استهداف ناقلات الغاز و رابعة في تفجير أنابيب النفط.
  • في اليمن فقط.. يعيش المواطنون أكثر من أزمة، في الاقتصاد و السياسة و الخدمات و المعيشة.
  • فقط في اليمن.. يعاني الناس أكثر من كارثة ناجمة عن تلوث البيئة و تردي الصحة، و انفلات الإعلام و سوء التغذية.
  • في اليمن فقط.. مسئولو “الأمن” أكثر من يتعرضون للحوادث “الأمنية” والاغتيالات، وثكنات القوات “المسلحة” هي  الأكثر عُرضة للهجمات المسلحة.
  • في اليمن ولا غيرها.. ينشئ رجال العصابات منظمات مدنية و مواقع إخبارية و صحف و قنوات فضائية لمهاجمة خصومهم، حتى صار بمقدورك أن تتعرف على مجرمين و لصوص يديرون وسائل الإعلام، و يقودون منظمات المجتمع المدني!! وبعدها يريدون منك أن تطمئن إلى أن أوضاع البلد لا تبعث على القلق!!
  • في اليمن وحدها لا سواها.. تجد سياسيين يعملون بالأجر اليومي لدى تجار السوق السوداء، و مثقفين مهمتهم “تجميل” الوجوه القبيحة، و “تبييض” العناصر الملوثة، و”تحسين” صور القتلة.
  • في اليمن.. عصابات مسلحة تحاصر مؤسسات الدولة (اليمنية) في العاصمة (اليمنية)، وهي تصرخ: الموت لأمريكا.
  • و في اليمن أيضا.. عصابات مسلحة أخرى تهاجم مؤسسات الدولة (اليمنية) في الأراضي (اليمنية) و تهتف: اللعنة على الأمريكان.
  • في اليمن ولا غيرها.. عصابات القتلة تهدم المساجد و تفجر دور تحفيظ القرآن على وقع صيحات: “الله أكبر، النصر للإسلام”. 

اقتصاديون يقللون من آثار خفض أسعار الوقود على الاقتصاد اليمني

 

 

صنعاء/علي عويضة/ فؤاد مسعد /الأناضول

قلل خبراء اقتصاديون يمنيون من آثار خفض أسعار المشتقات النفطية الذي بدأ تطبيقه اليوم الخميس، على الأداء الاقتصادي، بعد مرور شهر على رفع أسعارها بنسبة 75% للبنزين و 90% للديزل، ويرون أنه لن يؤثر علي المانحين الدوليين ودعمهم لليمن ولن يؤدي لانخفاض أسعار السلع.

 و قال الخبير الاقتصادي مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بصنعاء إن القرار الجديد لن يكون له نفس التأثير الذي أحدثه القرار السابق، و لن يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل إعلان رفع الدعم الذي رفع أسعار الوقود بصورة مفاجئة، ونسبة تجاوز التوقعات.

وخفضت الحكومة خفضت سعر الوقود بخصم 500 ريال (2.3 دولار) من سعر الجالون الواحد سعة 20 لتر لكل من البنزين و الديزل،عبوة 20 لتراً.

أضاف نصر في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، أنه كان يتعين على الحكومة دراسة القرارات قبل إصدارها، لأنه لا يصح التعامل مع قضايا اقتصادية مهمة بقرارات ارتجالية غير مدروسة، حسب وصفه.

و بدأ اليوم الخميس تنفيذ القرار الحكومي القاضي بخفض أسعار الوقود من 4000 ريال سعر 20 لتر من البنزين إلى 3500 ريال، و 3900 ريال سعر 20 لتر من الديزل، إلى 3400 ريال.

وأوضح، أن القرار الأخير بخفض أسعار المشتقات يعد خطوة إيجابية و مرحب بها لكنه لن يحد من تبعات المشاكل التي يعيشها اليمنيون في الجانب الاقتصادي، كما لن يساهم في حل مشاكل العجز في الموازنة الحكومية.

و كانت الحكومة أعلنت أواخر يوليو/تموز الماضي رفع سعر المشتقات النفطية بنسبة 75% للبنزين، و 90% للديزل. الأمر الذي أثار موجة من السخط في الشارع اليمني ما دفع الحكومة للتخفيف من الأضرار خاصة بعد تلويح جماعة الحوثي بالتصعيد و قيام مجاميع منها بمحاصرة المداخل الرئيسة للعاصمة صنعاء. 

ولا يتوقع  الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد عبدالمؤمن، أي تراجع في الأسعار، بسبب تحفيض أسعار المشتقات النفطية، علي أسعار السلع لأن المبلغ الذي تم إعادته ضئيل جداً، بالإضافة إلى أن اليمن دائماً تشهد ارتفاعاً للأسعار ولا تشهد انخفاضاً أبداً.

وحول تأثبر القرار على المانحين قال عبدالمؤمن في تصريحات خاصة مع وكالة الأناضول، إن المانحين الدوليين لا يرون هذا المبلغ الذي تم تخفيضه ضمن الدعم الحكومي، لأن هذا المبلغ زيادة على السعر العالمي، ويذهب كضريبة المبيعات وفي مصروفات أخرى تضاف للسعر العالمي، وبالتالي لن يكون هناك تأثير على المانحين ودعمهم لليمن.

وقال محمد العبسي الصحفي المختص في الشئون الاقتصادية إن الحكومة لا تزال تواجه تحديات اقتصادية كبرى، و في مقدمتها ارتفاع العجز في الموازنة العامة.

 ووفقا لتقدير الحكومة اليمينة ، يبلغ عجز الموازنة المتوقع للعام المالي الحالي نحو 680 مليار ريال (3.1 مليار دولار).

وأضاف العبسي في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، أن اليمن تكبد خسائر باهظة حتى بعد رفعه الدعم عن المشتقات النفطية برفع سعرها، نتيجة التدهور الأمني و الخدمي، حيث خسرت الحكومة قرابة 85 مليون دولار في الأسبوع الماضي نتيجة قيام مجاميع قبلية مسلحة بمنع وصول الديزل إلى محطة صافر النفطية (شمال شرق)، ما أدى لتوقف الإنتاج عشرة أيام في خمس شركات نفطية تتعامل مع المحطة.

و كانت الحكومة خفضت سعر الوقود بخصم 500 ريال (2,3 دولار) من سعر الجالون الواحد سعة 20 لتر لكل من البنزين و الديزل، وهو ما يراه العبسي غير كاف للتخفيف من أعباء المواطنين، و كان الأولى مضاعفة الخصم إلى 1000 ريال، حسب قوله.

و عن الأداء الاقتصادي المتوقع عقب القرار الأخير، قال العبسي لا يمكن أن ينتقل الأداء بالوضع للأحسن ما لم يكن متزامنا مع أداء متكامل لكافة مؤسسات الدولة خاصة الأمنية و الخدمية. مشيرا إلى أن تعرض أنابيب النفط للاعتداء يكلف اليمن ثلاثة مليار دولار، و لو تمكنت الحكومة من وضع حد لمثل هذه الأعمال لتجاوزت المشكلة الاقتصادية دون أن تضطر لرفع الدعم الذي يدفعه المواطنون الفقراء.

ودعا العبسي، إلي مراجعة سعر الديزل بشكل خاص و بيعه بسعر واحد، لأن مؤسسة الكهرباء (حكومية) تشتري اللتر حاليا بـ40 ريال بينما سعره الحقيقي وصل 200 ريال، أما محطات تأجير الطاقة الكهربائية التي تزود البلاد بالطاقة حسب عقود تأجير مزمنة فالديزل يمنح لها بدون مقابل، مشيرا إلي أن الأزمة و إن بدت اقتصادية إلا أن لها أبعاد سياسية و الاحتقان في العملية السياسية يضاعف من حجم الأزمة.

و كان الدكتور محمد الأفندي وزير التجارة الأسبق و رئيس الدائرة الاقتصادية في حزب الإصلاح، دعا الحكومة قبل يومين للتراجع عن قرارها رفع الدعم عن الوقود، و طالب بخفض السعر إلى 3000 آلاف ريال للجالون الواحد سعة 20 لتر في كل من البنزين و الديزل، و ذلك انطلاقا مما أسماه المسئولية الاجتماعية على الدولة.

و قال في حديثه لوسائل إعلام محلية أن الحكومة قادرة على توفير مبالغ الدعم من موارد إضافية من خلال مكافحة الفساد وترشيد الإنفاق وزيادة كفاءة تحصيل الإيرادات، وفقا لمنظور شامل للإصلاح الاقتصادي.

ويرى الخبير والمحلل الإقتصادي “أحمد سعيد شماخ” أن مبلغ 500 ريال يمني (2.3دولار) التي تم إعادتها لدعم المشتقات ليس مبلغاً مؤثراً بشكل كبير”، لأن أسعار السلع والمواد الغذائية ارتفعت كثيراً بعد قرار رفع الدعم عن المشتقات،  ولن تعود مرةً أخرى كماكانت في السابق بسبب إعادة هذا الدعم البسيط”.

ويطالب “شماخ” في تصريحاته لوكالة الأناضول، الحكومة “بتثبيت الأسعار أولاً” و”مراجعة  قرار رفع الدعم كاملاً، حتى لو بالإمكان إعادة الدعم كاملاً كما كان”.

وحول ردود فعل المانحين حول أعادة جزء من الدعم على المشتقات قال “شماخ” “إن وعود المانحين الدوليين عبارة عن فقاعات،  لأن الدول التي تعهدت لليمن بدعمها لن تف بوعودها”، مرجعاً ذلك إلى “أن مجتمع المانحين فقد الثقة بالحكومة اليمنية، وهناك اتهامات متبادلة بين الحكومة والدول المانحة بخصوص المنح المالية، فالدول تعتقد أن اليمن لس لديها كادر فني ومؤهل لإدارة المنح واستيعابها”، مدللاً على ذلك بأن الحكومة أخفقت في استيعاب هذه المبالغ في المشاريع ولم تقم باستيعاب التعهدات السابقة، وما استوعب كان في مشاريع هامشية”.

ولفت “شماخ” إلى أن الدول المانحة لا تطالب اليمن برفع الدفع عن المشتقات كإجراء وحيد، بل ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية من بينها رفع الدعم وتجفيف منابع الفساد التي تسبب عجزاً كبيراً في ميزانية الدولة”، مايعني أن قرار رفع الدعم أو إعادته لن يكون وحده كافياً لرضا المانحين إذا لم تصاحبه إصلاحات اقتصادية جادة وكبيرة.

وأشار “شماخ” إلى أن القروض التي حصل عليها اليمن وصلت لأكثر من 7 مليار و400 مليون دولار ،  كما أن الدين الداخلي ارتفع  الى ان وصل 20 ترليون و700 مليار ريال يمني، والدين العام وصل إلى أكثر من 15 مليار دولار، لافتاً إلى أن “هذه أعباء سيتحملها المواطن اليمني”.

 (الدولار=215 ريال يمني).

لا للعنف و الاستقواء بلغة السلاح

 

 

أثبت التاريخ أن لدى اليمنيين قدرة كبيرة على تجاوز خلافاتهم وحروبهم في حالات صفاء وتوافق كثيرا ما حدثت في أعقاب حروب شرسة.
و نلاحظ أنه مهما بلغ حجم الضحايا والخسائر تبدو الروح الجماعية اليمنية أقرب للوفاق والتسامي فوق الجراح، و لنا خير شاهد على ذلك في اتفاقيات ولقاءات ومصالحات وقعت بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر وصولا للوحدة وما تلاها من صراعات و مصالحات.
و ما نشير إليه هنا ينطبق بشكل أكثر على الحروب والصراعات ذات الطابع السياسي، لكن لا يبدو الأمر كذلك في الصراعات التي تستهدف النسيج الإجتماعي الوطني، و بأدوات طائفية و مذهبية و نزعات استئصالية مدمرة، لأن الجرح هنا يأخذ بعدا أعمق وآثاره على المستوى الشخصي أو على المستوى المجتمعي تبقى متحفزة ومتوثبة للحظات الثأر والانتقام ممن كان يوما خصمها.
هل يدرك هذا من يدقون طبول حرب تقسم الشعب المتعايش إلى فرق متناحرة وفصائل متقاتلة، وتحيل الإخوة أعداء؟

رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن.. عبث حكومي أم شر لابد منه؟

 

 

yamana-2012

 

بعد إعلان الوحدة اليمنية في مايو 1990م بدأ يطرح موضوع “الإصلاح الشامل”، و قصد به الإصلاح المالي و الإداري و “السياسي”، بيد أن نشوب أزمة مفاجئة بين الحزبين الحاكمين حينها (المؤتمر و الاشتراكي) حال دون المضي في تطبيق البرنامج.

لكن الموضوع عاد ليطرح مرة أخرى بعد حرب 1994م، و أقرت الحكومة المؤلفة من حزبي المؤتمر و الإصلاح البدء في تنفيذ برنامج الإصلاح المالي و الإداري، و كان المفترض تنفيذ ربط الإصلاح المالي الذي يقصد به رفع جزء من الدعم عن المشتقات النفطية، بإصلاح إداري يتضمن تعزيز إجراءات الرقابة الحكومية و محاربة الفساد المستشري، كما اشترط ممثلو حزب الإصلاح في الحكومة وقتها.

لكن ما تم تنفيذه في العام 1995م اقتصر على رفع سعر دبة  البترول (20 لتر) من 120 إلى 250 ريال، أما الإصلاح الإداري الذي كان يومها مطلبا ملحا فقد ذهب أدراج الرياح.

و تراجعت الأوضاع الاقتصادية بينما كان المتوقع حسب وعود الحكومة أن تتحسن بعد رفع جزء من دعم المشتقات النفطية بينما توسعت رقعة الفساد و شراء الذمم، فالنظام الحاكم بعد ما تخلص من شريكه في التوقيع على الوحدة أصبح تركيزه في سنوات ما بعد الحرب على التخلص من شريكه الجديد.

و لأن الفساد استمر على حاله فقد ساءت أحوال المعيشة و الوضع بشكل عام ازداد هو الآخر سوءا و عوائد رفع الدعم لم تعد كافية لرفد خزينة الدولة الواقعة تحت سطوة عصابة كانت تسعى لتوسيع دائرة نفوذها و محاصرة خصومها، و هنا أعيد الطرح مجددا عن ضرورة الإصلاحات المالية و رفع جزء آخر من الدعم عن المشتقات النفطية، و طرح المؤتمر على الإصلاح هذه الفكرة لكن الأخير رفض مستندا على تجربة الخطوة الأولى حين ركزت الحكومة على الإصلاح المالي و تركت الإصلاح الإداري.

أعلنت الحكومة في العام 1996م، جرعة ثانية من الإصلاحات المنضوية تحت برنامج الإصلاح الشامل، لكنه غدا في نظر مختصين و خبراء برنامج الإفقار الشامل، لاعتماده فقط على جيوب الفقراء لتعزيز ميزانيته فيما أيادي اللصوص مشرعة لنهب الممتلكات العامة و الخاصة و برضا و مباركة رأس الحكم الذي كان يتباهى بتوسع قاعدته الشعبية على حساب شريكه القديم و في انتظار توسع جديد على حساب شريكه الجديد.

في الجرعة الثانية التي قوبلت باستياء عارم في صفوف المواطنين و لدى الخبراء و المعنيين على حد سواء، ارتفع سعر الدبة البترول من 250 إلى 400 ريال.

و في العام الذي يليه 1997م أجريت الانتخابات النيابية العامة، و حينها قال الرئيس السابق للنظام علي صالح إن عهد الجرع ولى و إلى الأبد، و من يقول أن هناك جرعة فهو مزايد و كذاب.

و مع ذلك فلم يمض العام 1998م إلا على صرخة أوجاع جديدة نتجت عن الجرعة الثالثة التي ضربت عرض الحائط بكل تعهدات صالح و نظامه، و تبين أنه لم يكن هناك كذب و مزايدة في التكهن بإقرار جرعة ثالثة بقدر ما تبين أنه الكذاب و لا غيره، خاص و قد صار سعر الدبة 700 ريال.

غادر الإرياني الحكومة بعد تحميله مسئولية الجرعة و جيء بعبدالقادر باجمال لكن الفساد ظل هو لحاكم المهيمن على كل المؤسسات و المرافق و المواقع الحكومية بينما السخط الشعبي يتزايد يوما بعد آخر و رقعة الفوضى تتمدد يمينا و شمالا على وقع الإخفاق المتوالي ليس في الاقتصاد فقط و لكن في كافة النواحي و المجالات.

كان اعتماد الحكومات المتعاقبة على عوائد بيع النفط بنسبة تزيد عن 70 بالمائة محل انتقاد الخبراء و المنظمات المعنية داخليا و خارجيا، و مع ذلك ظلت اليمن مكتفية بما يعود عليها من بيع النفط خاصة بعد إقدام النظام على بيع الغاز اليمني للاحتكار الفرنسي- توتال و الشركة الكورية الجنوبية، و بسعر زهيد جدا ظل يشكل عبئا على الاقتصاد الوطني لم يلفت له المعنيون بالأمر إلا بعد اندلاع الثورة، و لا يزال الأمر عالقا في بعض جوانبه.

و مع أن صالح و حكوماته تعهدوا مرات كثيرة أن لا عودة للجرع فقد جاءت الذكرى ال28 لتولي صالح سدة الحكم و معها إعلان جرعة جديدة دفعت لأعمال شغب و احتجاجات واسعة في غالبية المدن و المحافظات منتصف يوليو 2005م حينما رفع سعر البترول من 700 إلى 1300، و تم تعديله فيما بعد إلى 1200 ريال.

الوضع بعد الثورة

كان من الطبيعي في بلد يعاني أوضاعا اقتصادية صعبة و سياسية متأزمة و أمنية متدهورة أن يتضاعف الخراب بعد اندلاع الثورة و سقوط أجزاء واسعة من مقومات النظام – و لو شكليا- في كثير من المناطق شمالا و جنوبا و شرقا و غربا على السواء، إما في يد عصابات مسلحة كالحوثيين و القاعدة أو مناطق تخضع للصراعات ذات البعد الاجتماعي و السياسي المحدود أحيانا و غير المحدود أحيانا أخرى كما في كثير من أجزاء البلاد.

و تبع ذلك هجمات متوالية على المصالح الاقتصادية الكبرى بدءا بالنفط و الغاز و ليس انتهاء بالكهرباء و المياه و الطرقات، الأمر الذي ضاعف من تبعات القائمين على الحكم في صيغته الجديدة المستندة إلى المبادرة الخليجية و اتفاق نقل السلطة.

و وجد اليمنيون أنفسهم أمام أزمات متلاحقة كل واحدة منها تمسك بتلابيب الأخرى، و ما تنقضي أزمة إلا على أصوات أخرى قادمة، بعضها كان يفتعل لتحقيق أهداف و مكاسب سياسية جديدة أو للحفاظ على مكاسب قائمة، و بعضها كان لها جذور و خلفية كامنة و تحتاج معالجات جادة و طويلة.

و مع تزايد الأزمات و تلاحقها في السنوات التي أعقبت اندلاع الثورة الشعبية مطلع العام 2011م، إلا أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية بصيغته الأخيرة التي أقرتها الحكومة أواخر الشهر الماضي يعد مفصلا حاسما في مسار الوضع الاقتصادي في مرحلة ما بعد الثورة، إما لأنه جاء في توقيته متزامن مع تصاعد أعمال عنف و مواجهات في أكثر من منطقة و تردي خدمات الكهرباء و المياه و الاتصالات، أو لأنه تضمن ارتفاعا في القيمة الجديدة لم تكن متوقعة (أربعة آلاف ريال).

و بعيدا عن السخط المتوقع إزاء كل إجراء مماثل يطرح التساؤل عن جدوى هذا القرار و ضرورته، إن كان ثمة جدوى و ضرورة، و هل كان يمكن تلافي الوصول إلى مثل هذا القرار و العمل بصيغ و بدائل مناسبة؟

يشير الخبراء بإنصاف إلى أن الخيارات أمام الحكومة في الأوضاع و الظروف الراهنة غدت شبه محدودة، خاصة مع تزايد أعمال التهريب التي تستغل فارق السعر بين المحلي و العالمي و عدم القدرة على ضبط المنافذ و المعابر التي تستخدم لمثل هذه الأعمال في ظل ضعف الأجهزة الأمنية و الرقابية، كما و يحضر عامل مهم في الموضوع و يتمثل في تراجع إنتاج النفط بعد ارتفاع وتيرة الاعتداءات على أنابيب و حقول النفط في أكثر من منطقة، و هو ما أدى بالتالي و كنتيجة متوقعة بالضرورة إلى تراجع حصة الحكومة من عوائد بيعه الزهيدة أصلا، و بالمقارنة بين أكثر من ثلاثمائة ألف برميل يوميا كانت تنتج في الفترة السابقة لاندلاع الثورة و قرابة مائة ألف هي إجمالي ما بات ينتج في الوقت الراهن يتجلى الفرق واضحا و كبيرا إلى الحد الذي بات يهدد بكارثة اقتصادية. 

و كانت الميزانية السنوية للعام الحالي 2014 توقعت رفعا محدودا للدعم عن المشتقات النفطية كما يتضح من خلال أرقام و بيانات الميزانية التي أقرها البرلمان، و مع ذلك حاولت بعض القوى السياسية و الميليشيات المسلحة أن تركب موجة الغضب العفوي و الترويج لنفسها كما لو كان لديها رؤية اقتصادية واقعية متكاملة، لكنها انتكست بفعل الوعي الوطني الذي وجد طريقه لشريحة واسعة من المواطنين، حيث أدركوا أن من يسهل عليه قتل الأبرياء و إحراق المنازل و نهب الممتلكات لن يكون صادقا في زعمه الحرص على سعر دبة بترول أو ديزل مهما كان صوته مرتفعا و صراخه لا ينقطع.