arablog.org

رغم المرارة.. حلمنا لم ينكسر

 

 

لم يعد بمقدورنا أن نكتب.. فالمرارة وحدها هي من يكتب أوجاعنا ويرسم خارطة الفجيعة، فجيعتنا التي لا حدود لها..

قبلنا بنصف ثورة خوفا من الحرب الأهلية فكانت الكارثة: ترنحت الثورة وأصبحنا على أعتاب الحرب الأهلية.

هذا هو حظ اليمنيين من الثورة، لكن هذا لا يعني أنهم أخطأوا حين ثاروا، فالنظام الذي قامت عليه الثورة كان قد استنفد جميع أغراضه ولم يعد أمامه سوى السقوط، مع ما يتبع السقوط من تداعيات وخسائر. قدر اليمنيين أن يخسروا كثيرا وهذا النظام يقوى ويشتد، مثلما عليهم أن يدفعوا الثمن غاليا والنظام ذاته يضعف ويترنح ساقطا..

 هو خطيئة اليمن الكبرى وجريمة البلد التي لن تغتفر، وستظل آثارها وأخطارها شاخصة لأمد سيطول ويطول.

هل نكون متماسكين بما يكفي للقول أن ثورتنا انتصرت؟ أم ننحني إجلالا لدماء الشهداء ومعاناة الجرحى والمعتقلين ثم نقر بالهزيمة؟

أم أننا والثورة في منزلة بين منزلتين؟ بين النصر الذي حسبناه موعدنا والهزيمة التي لا تزال تتوعدنا.

الثورة لم تنتصر ولكنها لم ولن تنكسر، وقدرها أن تتخلص وتخلصنا مما يعوق انطلاقنا نحو المستقبل طال الزمان أم قصر.

ولكن المرارة في واقعنا تتسع كلما تضاءلت مساحة الحلم الذي اجترحناه يوم قامت الثورة على النظام الآسن لتسقطه، وتشيد اليمن الجديد على أنقاضه، ثم لاحت لنا صور الخراب وأشباح الظلام، خافت الثورة، أو خفنا نحن على الثورة بينما خاف منها القتلة واللصوص، كانت جموع الثورة فوق ما تصوروا وكان رعب المجرمين من تلك الجموع أكبر مما تخيلنا.

اختلطت أهداف الثورة بمصالح الانتهازيين، وتماهت أحلام البسطاء مع أطماع الوصوليين، وكان الثوار يؤجلون شيئا من الحلم حتى لا يفقدوا مشروعهم المشروع في التغيير والتأسيس لمستقبل جديد.

كانوا يحملون الحلم بالوصول إلى بر الأمان، فيما اللصوص يحطمون المركب، حتى تسهل المقايضة بين أمن اللحظة المشهودة أو انتظار قادم لم يوجد بعد.

عادت الفجيعة تطل برأسها من جديد، وبدا تحقيق الحلم بعيدا حينما تآزرت قوى الظلم وعصابات الظلام على وأد الحلم وحامليه، وحوصرت الثورة بعد ما كانت تحاصرهم، وتجمع شمل القوى التي مزقها هتاف الثوار، ثم تنازعت قوى الثورة فيما بينها، وكل يدعي وصلا بثورة وقفت وحدها محاصرة بعد ما خذلها الجميع.

لم يعد للثورة مكان ولا كيان أيضا.

والأنكى أنها أصبحت لعنة تطارد أصحابها- وكل من ارتبط بها وارتبطت به، وأخطبوط الفساد “المحصن” يحرك أذرعه الشيطانية في كل اتجاه، أتخمته الحصانة بالأمن وجادت عليه بالسكينة، كي يتفرغ لاقتراف ما لم يقترفه أثناء حكمه.

منحته السياسة حصانة حرصا على السلام، لكنه هتك عورة السلام بحصانته، ومعه قوى تتربص في انتظار الفرصة المواتية للانقضاض على الجميع، ورأت في تردي الوضع وانهياره ما يسيل لعابها على التمدد، ويغري حملة البارود فيها على السيطرة والتوسع، حتى حانت اللحظة التي تحققت فيها نبوءة الرعب القادمة من الكهوف، وجثم الكابوس مجهزا على ما تبقى من الحلم.

في هذه اللحظة المرعبة تجمعت كل مرارات السنين القادمة والماضية، وتشكلت على هيئة سقوط في قبضة ميليشيا طائفية لم تتورع عن اقتراف أي محرم أو محظور، وهو ما يعني أننا عدنا إلى ما هو أقل من الصفر بدرجات كثيرة، وما هو أسوأ من كل القيم السالبة في مضمار المعادلة و خط سير الزمن.

هذه هي المرارة التي تتحدث اليوم نيابة عنا، وهو الشعور الذي يجعلنا نعدد مساوئ المرحلة التي أعقبت الثورة، التي هي مساوئنا نحن، لقد خضعنا للمقايضة اللعينة حتى تهاوت أهداف الثورة تحت ذريعة “التقسيط” الذي قبلنا به أول الأمر، و”الآجل” الذي صار خيارنا لاحقا.

كانت الثورة تتراجع وأطماع الميليشيا تتوسع على الأرض، فيما عصابات الفساد القديم تعيد تموضعها في مواجهة أي قادم جديد يحمل روح  الثورة أو ريحها،

أما لعنة الثورة فصارت تصيب كل ما يمت للثورة بصلة.

أهداف الثورة تأجلت، ومكوناتها اختلفت وتنازعت، وشبكات القتل والفوضى والإرهاب يقوي بعضها بعضا، القبائل التي انضمت للثورة صارت هدفا رئيسيا للميليشيا، بينما صار شيوخ الارتزاق جسرا تعبر عليه آلة القتل القادمة للانتقام من التاريخ والجغرافيا.

والجيش الذي أعلن يوما تأييده للثورة صار في مرمى سهام القتلة المأجورين، ستقول الببغاوات: هم كانوا مع صالح، ونقول نعم (كانوا)، لكن القتلة لا ينتقمون ممن (لا زالوا)، وفي اقتحام صنعاء أثبتت الميليشيا ولاءها كما يجب، تركوا كل لص لا يزال يقاتل مع (صالحهم) الذي قتل سيدهم، وهاجموا من واجهوا صالح ونظامه.

لكنا لن نخون الحلم الذي نؤمن أنه سيصبح يوما حقيقة، ولن نلعن الثورة لأنها حقيقتنا الوحيدة التي لا يمكن أن يتسرب إلينا شك فيها، ولن نستسلم لآلات الميليشيا وتضليلها.

ندرك ان تضحية اليمنيين كبيرة ولكن الوطن الذي نصبو إليه أكبر منا جميعا، وإن الكلفة لدرء الخطر الداهم ليست سهلة ولكن خطورة سيطرة القتلة الخارجين من أعماق الكهوف المظلمة ستكون أكثر كلفة من رفضها.

معالمنا شواهد حضارتنا”.. مبادرة لتأهيل صهاريج عدن التاريخية جنوبي اليمن

 
عدن/ فؤاد مسعد/ الأناضول – 

صهاريج عدن.. أحد أهم المعالم التاريخية في اليمن، التي بنيت قبل مئات السنين بهدف حفظ مياه الأمطار، لكن أوضاعها المتردية في الوقت الحالي، دفعت نشطاء حقوقيين لإطلاق مبادرة مجتمعية تهدف لتأهيل تلك الصهاريج التي تقع جنوب شرقي مدينة عدن (جنوب).

وتهدف المبادرة التي انطلقت منذ قرابة أسبوع، وتنتهي في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، تحت شعار “معالمنا شواهد حضارتنا” إلى إعادة تأهيل الصهاريج من خلال أعمال صيانة وترميم تشمل الإنارة والتشجير والنظافة، إضافة لتفعيل الأنشطة الثقافية، حسب مسؤولة الأنشطة في المبادرة.

ويمول المبادرة أعضاؤها أنفسهم، إضافة لدعم رمزي من الصندوق الوطني للديمقراطية NED (منظمة أمريكية دولية تعمل في اليمن بالشراكة مع منظمات محلية).

وفي حديث لوكالة الأناضول، قالت المحامية والناشطة الحقوقية هبة عيدروس، إن “المبادرة أطلقها مجموعة من الشباب المنخرطين في برنامج تمكين الشباب الذي تنفذه مؤسسة ألف – باء للتعايش (منظمة مدنية غير حكومية، بدأت نشاطها العام الماضي)”.

وبرنامج تمكين الشباب هو أحد البرامج التي تنفذها مؤسسة ألف – باء، ويهدف لتأهيل الشباب المشاركين لإدارة وتنفيذ نشاطات مجتمعية من خلال دورات تدريبية وحلقات نفاشية.

وقالت عيدروس إنهم يسعون لتنفيذ حملة تعريفية بالصهاريج كمعلم تاريخي، وإقامة أنشطة وبرامج ثقافية وسياحية في الموقع نفسه والعمل على استمرارها وتواصلها بشكل دائم، وتشجير الساحة المحيطة بالصهاريج، وتزويدها بمقاعد الجلوس وأعمدة الإنارة، ووضع آليات مناسبة لضبط أعمال النظافة والحراسة فيها، بما يتناسب وأهميتها التاريخية والسياحية.

وأضافت أن “الأوضاع المتردية للصهاريج دفعتها وزملاءها لإطلاق المبادرة”، مشيرة إلى “افتقار الموقع للإنارة ومقاعد الجلوس، فضلا عن تدني خدمات التنظيف والتشجير، وغيرها من مظاهر الإهمال التي جعلت الزوار يعزفون عنها، وهو ما جعلهم يضعون هذه الاحتياجات في اعتبارهم وهم يضعون خطط المبادرة”.

وشددت في حديثها على أهمية إقامة الفعاليات الثقافية، والترويج للصهاريج باعتبارها معلما تاريخيا له قيمة تاريخية وهندسية، وتأهيله بما يجعله وجهة أساسية للحركة السياحة، سواء كانت السياحة الداخلية أو الأجنبية، حسب قولها.

من جهتها، قالت أسمهان العلس، الأمين العام للجمعية اليمنية للتاريخ والآثار، وهي منظمة غير حكومية تنشط في عدن، وتعنى بالآثار، إن “تأسيس حملة الصهاريج يعد تطورا نوعيا في نشاط المجتمع المدني في محافظة عدن التي لم تشهد مثل هذا النشاط من قبل”.

وخلال لقائها بأعضاء المبادرة، قالت العلس إن “ظهور هذه الحملات يعد رافداً للنشاط الداعي لوقف العبث بالموروث الثقافي المادي لمدينة عدن”، داعية منظمات المجتمع المدني لـ”مؤازرة” الحملة.

يذكر أن “صهاريج عدن” سلسلة متواصلة من أحواض المياه تبدأ في سفوح جبل شمسان وتنتهي بوادي الطويلة الذي يصب في مياه البحر بخليج عدن قرب قلعة صيرة.

وقال خالد عبد الله رباطي، مدير عام الصهاريج، لوكالة الأناضول في وقت سابق إن “تاريخ بناء الصهاريج يعود إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، في عهد دولة سبأ (حكمت اليمن في الفترة من 1200 قبل الميلاد إلى 275 ميلاديا)، وكانت عاصمتها مدينة مأرب (شمال شرق)، وأعقبتها الدولة الحميرية (استمرت حتى 527 ميلاديا) حسب ما تبينه الكتب والمراجع التاريخية”.

 وكانت الحكومة اليمنية أنشأت في العام 2003 منتدى صهاريج عدن، وهو ملتقى ثقافي إبداعي يحمل اسم الصهاريج ويقوم بالفعاليات الفنية والأدبية والثقافية، إلا أنه يغلب على نشاطاته أنها شبه موسمية، فضلا عن تراجعه في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ.

ومثله المؤتمر السياحي السنوي الذي تنظمه وزارة السياحة، وهو عبارة عن مهرجان يستمر عدة أيام أواخر كل عام باسم “مهرجان صهاريج عدن”، وخصصت الحكومة لمهرجان العام الجاري مبلغ 3 ملايين و700  ألف ريال (يعادل 17 ألف دولار أمريكي).

وإلى جانب الصهاريج تضم عدن معالم تاريخية مهمة ومنها: 

قلعة صيرة التي تعد بمثابة حامية عسكرية أنشئت قبل ألف عام تقريبا.

– بوابة عدن التي تربط بين عدن القديمة والأحياء السكنية التي استحدثت أثناء تواجد الاحتلال البريطاني، والذي استمر لمدة 120 عاماً.

– الدرب التركي (سور قديم كان يغلق المداخل البرية لعدن أقامه العثمانيون خلال تواجدهم في عدن في القرنين 16 و17، وقام الانجليز بتحديثه بعد احتلال عدن في 1839).

– مبان تاريخية منتشرة في أرجاء المدينة، ومنها مساجد وكنائس ومتاحف قديمة.

ذكرى شهيد لم يمت

 

 

الوالد الشهيدمسعد المعصري

قبل خمسة أعوام بالتمام والكمال، وتحديدا في 16 سبتمبر 2009م،
قضى الشهيد/ مسعد محمد المعصري نحبه بعد تعرضه ومجموعة من زملائه لقذائف أطلقتها العصابات الحوثية المسلحة في شمال صعدة، فاضت روحه إلى بارئها في ليلة السابع والعشرين من رمضان، ومضى إلى حيث نحسبها شهادة، كانت الفاجعة برحيله المفاجئ كبيرة، خاصة من عرفوا عن قرب أخلاقه واستقامته، وكانت ليلة باكية حزينة يصعب نسيانها.
رغم إدراكنا أنه لم يكن الأول ولن يكون الأخير في مشوار طويل من الحروب و المآسي والصراعات، لكنا حزنا عليه كثيرا- ولا زلنا، وليس بمقدورنا غير الحزن، وهو حيلة الغالبية العظمى من الشعب الذي يتساقط أبناؤه تباعا في أكثر من حرب و أكثر من جبهة، وعلى أكثر من صعيد.
كلما مر بنا هذا اليوم تذكرنا كم هي فجيعتنا مؤلمة، وكم هو القتل جبان وغادر وآثم أيضا، وهذا ما لن يقوى القتلة على فهمه، إن أكثر ما يحز في النفس أن أنبل الناس وأطيبهم يفقدون أرواحهم على يد أراذل البشر وأحقر الكائنات، فصيلة القتلة وعصابة الجريمة، وإن أطلقوا على أنفسهم أجمل الصفات لن يغيروا من حقيقتهم شيئا.
وربما ظل اليمنيون يتذكرون لسنوات طويلة وعقودا قادمة من الزمن أن ثمة عصابة ظهرت على حين غفلة من الروح اليمنية الجامعة، وفعلت أبشع مما تفعله عصابات المافيا و الجريمة المنظمة، واعتقدت أنها بذلك تقدم عربون مودة!! لم تشعر أنها يوميا تسقط، بل هي لم تسقط بالفعل، وإلى أين ستسقط أصلا إن كانت هي في قعر الانحطاط منذ خرجت من أقذر كهوف الماضي.
سيتذكر اليمنيون كم كانوا كرماء بحق حفنة من السفلة وشذاذ الآفاق، الذين عبرت أعمالهم عن خبايا نفوسهم الملوثة بالغدر و الحقارة.
لن ننسى الشهداء الذين رووا –ولا يزالون- بدمائهم الطاهرة أرضهم ووطنهم وهو يتصدون لعصابات الكهوف المحملة بكل أحقاد السنين، والحاملة كل صور العنصرية والسلالية معتقدين بأفضليتهم المزعومة.
لن ننساك أيها الشهيد الغالي الذي علمتنا كيف نعيش رافعي الرؤوس، ستظل خالدا فينا ككل القيم العظيمة التي ترفض أن تموت، و ستبقى روحك الطاهرة ترفرف حبا وسلاما فوق تراب الوطن الذي أقسمت أن تفديه وأوفيت بالقسم.
رحمة الله تغشاك في مسكنك
و السلام عليك يوم ولدت
و يوم واجهت المنية ثابتا
ويوم تبعث حيا

يحدث هذا في اليمن فقط..

 

  • في اليمن فقط.. يقتل الجنود على يد عصابات مسلحة، في شمال البلاد يقتلون من قبل الحوثيين الشيعة لأنهم “سنة تكفيريون”، و في الجنوب يقتل الجنود من قبل عناصر القاعدة لأنهم “شيعة روافض”.
  • في اليمن فقط.. يتعرض الشعب لأكثر من حرب في الشمال و الجنوب و الشرق و الوسط و الغرب. حرب في قطع الطرقات و إغلاق الشوارع و أخرى في ضرب أبراج الكهرباء و ثالثة في استهداف ناقلات الغاز و رابعة في تفجير أنابيب النفط.
  • في اليمن فقط.. يعيش المواطنون أكثر من أزمة، في الاقتصاد و السياسة و الخدمات و المعيشة.
  • فقط في اليمن.. يعاني الناس أكثر من كارثة ناجمة عن تلوث البيئة و تردي الصحة، و انفلات الإعلام و سوء التغذية.
  • في اليمن فقط.. مسئولو “الأمن” أكثر من يتعرضون للحوادث “الأمنية” والاغتيالات، وثكنات القوات “المسلحة” هي  الأكثر عُرضة للهجمات المسلحة.
  • في اليمن ولا غيرها.. ينشئ رجال العصابات منظمات مدنية و مواقع إخبارية و صحف و قنوات فضائية لمهاجمة خصومهم، حتى صار بمقدورك أن تتعرف على مجرمين و لصوص يديرون وسائل الإعلام، و يقودون منظمات المجتمع المدني!! وبعدها يريدون منك أن تطمئن إلى أن أوضاع البلد لا تبعث على القلق!!
  • في اليمن وحدها لا سواها.. تجد سياسيين يعملون بالأجر اليومي لدى تجار السوق السوداء، و مثقفين مهمتهم “تجميل” الوجوه القبيحة، و “تبييض” العناصر الملوثة، و”تحسين” صور القتلة.
  • في اليمن.. عصابات مسلحة تحاصر مؤسسات الدولة (اليمنية) في العاصمة (اليمنية)، وهي تصرخ: الموت لأمريكا.
  • و في اليمن أيضا.. عصابات مسلحة أخرى تهاجم مؤسسات الدولة (اليمنية) في الأراضي (اليمنية) و تهتف: اللعنة على الأمريكان.
  • في اليمن ولا غيرها.. عصابات القتلة تهدم المساجد و تفجر دور تحفيظ القرآن على وقع صيحات: “الله أكبر، النصر للإسلام”. 

اقتصاديون يقللون من آثار خفض أسعار الوقود على الاقتصاد اليمني

 

 

صنعاء/علي عويضة/ فؤاد مسعد /الأناضول

قلل خبراء اقتصاديون يمنيون من آثار خفض أسعار المشتقات النفطية الذي بدأ تطبيقه اليوم الخميس، على الأداء الاقتصادي، بعد مرور شهر على رفع أسعارها بنسبة 75% للبنزين و 90% للديزل، ويرون أنه لن يؤثر علي المانحين الدوليين ودعمهم لليمن ولن يؤدي لانخفاض أسعار السلع.

 و قال الخبير الاقتصادي مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات الاقتصادية بصنعاء إن القرار الجديد لن يكون له نفس التأثير الذي أحدثه القرار السابق، و لن يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل إعلان رفع الدعم الذي رفع أسعار الوقود بصورة مفاجئة، ونسبة تجاوز التوقعات.

وخفضت الحكومة خفضت سعر الوقود بخصم 500 ريال (2.3 دولار) من سعر الجالون الواحد سعة 20 لتر لكل من البنزين و الديزل،عبوة 20 لتراً.

أضاف نصر في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، أنه كان يتعين على الحكومة دراسة القرارات قبل إصدارها، لأنه لا يصح التعامل مع قضايا اقتصادية مهمة بقرارات ارتجالية غير مدروسة، حسب وصفه.

و بدأ اليوم الخميس تنفيذ القرار الحكومي القاضي بخفض أسعار الوقود من 4000 ريال سعر 20 لتر من البنزين إلى 3500 ريال، و 3900 ريال سعر 20 لتر من الديزل، إلى 3400 ريال.

وأوضح، أن القرار الأخير بخفض أسعار المشتقات يعد خطوة إيجابية و مرحب بها لكنه لن يحد من تبعات المشاكل التي يعيشها اليمنيون في الجانب الاقتصادي، كما لن يساهم في حل مشاكل العجز في الموازنة الحكومية.

و كانت الحكومة أعلنت أواخر يوليو/تموز الماضي رفع سعر المشتقات النفطية بنسبة 75% للبنزين، و 90% للديزل. الأمر الذي أثار موجة من السخط في الشارع اليمني ما دفع الحكومة للتخفيف من الأضرار خاصة بعد تلويح جماعة الحوثي بالتصعيد و قيام مجاميع منها بمحاصرة المداخل الرئيسة للعاصمة صنعاء. 

ولا يتوقع  الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد عبدالمؤمن، أي تراجع في الأسعار، بسبب تحفيض أسعار المشتقات النفطية، علي أسعار السلع لأن المبلغ الذي تم إعادته ضئيل جداً، بالإضافة إلى أن اليمن دائماً تشهد ارتفاعاً للأسعار ولا تشهد انخفاضاً أبداً.

وحول تأثبر القرار على المانحين قال عبدالمؤمن في تصريحات خاصة مع وكالة الأناضول، إن المانحين الدوليين لا يرون هذا المبلغ الذي تم تخفيضه ضمن الدعم الحكومي، لأن هذا المبلغ زيادة على السعر العالمي، ويذهب كضريبة المبيعات وفي مصروفات أخرى تضاف للسعر العالمي، وبالتالي لن يكون هناك تأثير على المانحين ودعمهم لليمن.

وقال محمد العبسي الصحفي المختص في الشئون الاقتصادية إن الحكومة لا تزال تواجه تحديات اقتصادية كبرى، و في مقدمتها ارتفاع العجز في الموازنة العامة.

 ووفقا لتقدير الحكومة اليمينة ، يبلغ عجز الموازنة المتوقع للعام المالي الحالي نحو 680 مليار ريال (3.1 مليار دولار).

وأضاف العبسي في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول، أن اليمن تكبد خسائر باهظة حتى بعد رفعه الدعم عن المشتقات النفطية برفع سعرها، نتيجة التدهور الأمني و الخدمي، حيث خسرت الحكومة قرابة 85 مليون دولار في الأسبوع الماضي نتيجة قيام مجاميع قبلية مسلحة بمنع وصول الديزل إلى محطة صافر النفطية (شمال شرق)، ما أدى لتوقف الإنتاج عشرة أيام في خمس شركات نفطية تتعامل مع المحطة.

و كانت الحكومة خفضت سعر الوقود بخصم 500 ريال (2,3 دولار) من سعر الجالون الواحد سعة 20 لتر لكل من البنزين و الديزل، وهو ما يراه العبسي غير كاف للتخفيف من أعباء المواطنين، و كان الأولى مضاعفة الخصم إلى 1000 ريال، حسب قوله.

و عن الأداء الاقتصادي المتوقع عقب القرار الأخير، قال العبسي لا يمكن أن ينتقل الأداء بالوضع للأحسن ما لم يكن متزامنا مع أداء متكامل لكافة مؤسسات الدولة خاصة الأمنية و الخدمية. مشيرا إلى أن تعرض أنابيب النفط للاعتداء يكلف اليمن ثلاثة مليار دولار، و لو تمكنت الحكومة من وضع حد لمثل هذه الأعمال لتجاوزت المشكلة الاقتصادية دون أن تضطر لرفع الدعم الذي يدفعه المواطنون الفقراء.

ودعا العبسي، إلي مراجعة سعر الديزل بشكل خاص و بيعه بسعر واحد، لأن مؤسسة الكهرباء (حكومية) تشتري اللتر حاليا بـ40 ريال بينما سعره الحقيقي وصل 200 ريال، أما محطات تأجير الطاقة الكهربائية التي تزود البلاد بالطاقة حسب عقود تأجير مزمنة فالديزل يمنح لها بدون مقابل، مشيرا إلي أن الأزمة و إن بدت اقتصادية إلا أن لها أبعاد سياسية و الاحتقان في العملية السياسية يضاعف من حجم الأزمة.

و كان الدكتور محمد الأفندي وزير التجارة الأسبق و رئيس الدائرة الاقتصادية في حزب الإصلاح، دعا الحكومة قبل يومين للتراجع عن قرارها رفع الدعم عن الوقود، و طالب بخفض السعر إلى 3000 آلاف ريال للجالون الواحد سعة 20 لتر في كل من البنزين و الديزل، و ذلك انطلاقا مما أسماه المسئولية الاجتماعية على الدولة.

و قال في حديثه لوسائل إعلام محلية أن الحكومة قادرة على توفير مبالغ الدعم من موارد إضافية من خلال مكافحة الفساد وترشيد الإنفاق وزيادة كفاءة تحصيل الإيرادات، وفقا لمنظور شامل للإصلاح الاقتصادي.

ويرى الخبير والمحلل الإقتصادي “أحمد سعيد شماخ” أن مبلغ 500 ريال يمني (2.3دولار) التي تم إعادتها لدعم المشتقات ليس مبلغاً مؤثراً بشكل كبير”، لأن أسعار السلع والمواد الغذائية ارتفعت كثيراً بعد قرار رفع الدعم عن المشتقات،  ولن تعود مرةً أخرى كماكانت في السابق بسبب إعادة هذا الدعم البسيط”.

ويطالب “شماخ” في تصريحاته لوكالة الأناضول، الحكومة “بتثبيت الأسعار أولاً” و”مراجعة  قرار رفع الدعم كاملاً، حتى لو بالإمكان إعادة الدعم كاملاً كما كان”.

وحول ردود فعل المانحين حول أعادة جزء من الدعم على المشتقات قال “شماخ” “إن وعود المانحين الدوليين عبارة عن فقاعات،  لأن الدول التي تعهدت لليمن بدعمها لن تف بوعودها”، مرجعاً ذلك إلى “أن مجتمع المانحين فقد الثقة بالحكومة اليمنية، وهناك اتهامات متبادلة بين الحكومة والدول المانحة بخصوص المنح المالية، فالدول تعتقد أن اليمن لس لديها كادر فني ومؤهل لإدارة المنح واستيعابها”، مدللاً على ذلك بأن الحكومة أخفقت في استيعاب هذه المبالغ في المشاريع ولم تقم باستيعاب التعهدات السابقة، وما استوعب كان في مشاريع هامشية”.

ولفت “شماخ” إلى أن الدول المانحة لا تطالب اليمن برفع الدفع عن المشتقات كإجراء وحيد، بل ضمن حزمة إصلاحات اقتصادية من بينها رفع الدعم وتجفيف منابع الفساد التي تسبب عجزاً كبيراً في ميزانية الدولة”، مايعني أن قرار رفع الدعم أو إعادته لن يكون وحده كافياً لرضا المانحين إذا لم تصاحبه إصلاحات اقتصادية جادة وكبيرة.

وأشار “شماخ” إلى أن القروض التي حصل عليها اليمن وصلت لأكثر من 7 مليار و400 مليون دولار ،  كما أن الدين الداخلي ارتفع  الى ان وصل 20 ترليون و700 مليار ريال يمني، والدين العام وصل إلى أكثر من 15 مليار دولار، لافتاً إلى أن “هذه أعباء سيتحملها المواطن اليمني”.

 (الدولار=215 ريال يمني).

لا للعنف و الاستقواء بلغة السلاح

 

 

أثبت التاريخ أن لدى اليمنيين قدرة كبيرة على تجاوز خلافاتهم وحروبهم في حالات صفاء وتوافق كثيرا ما حدثت في أعقاب حروب شرسة.
و نلاحظ أنه مهما بلغ حجم الضحايا والخسائر تبدو الروح الجماعية اليمنية أقرب للوفاق والتسامي فوق الجراح، و لنا خير شاهد على ذلك في اتفاقيات ولقاءات ومصالحات وقعت بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر وصولا للوحدة وما تلاها من صراعات و مصالحات.
و ما نشير إليه هنا ينطبق بشكل أكثر على الحروب والصراعات ذات الطابع السياسي، لكن لا يبدو الأمر كذلك في الصراعات التي تستهدف النسيج الإجتماعي الوطني، و بأدوات طائفية و مذهبية و نزعات استئصالية مدمرة، لأن الجرح هنا يأخذ بعدا أعمق وآثاره على المستوى الشخصي أو على المستوى المجتمعي تبقى متحفزة ومتوثبة للحظات الثأر والانتقام ممن كان يوما خصمها.
هل يدرك هذا من يدقون طبول حرب تقسم الشعب المتعايش إلى فرق متناحرة وفصائل متقاتلة، وتحيل الإخوة أعداء؟

صهاريج عدن اليمنية.. أحواض تحفظ الماء منذ مئات السنين

 

 

عدن (اليمن) ـ  فؤاد مسعد ـ 

تعد “صهاريج عدن” من أبرز المعالم التاريخية والسياحية في محافظة عدن خاصة وعلى مستوى اليمن عامة، ويحرص زوار المدينة من داخل البلاد وخارجها على زيارتها والوقوف على روعتها ودقتها الهندسية.

و”صهاريج عدن” سلسلة متواصلة من أحواض المياه تبدأ في سفوح جبل شمسان و تنتهي بوادي “الطويلة” الذي يصب في مياه البحر بخليج عدن قرب قلعة صيرة.

يقول خالد عبدالله رباطي، مدير عام الصهاريج، إن تاريخ بنائها يعود الى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، في عهد دولة سبأ التي حكمت اليمن في الفترة من 1200 قبل الميلاد إلى 275 ميلاديا، وكانت عاصمتها مدينة مأرب “شمال شرق”، وأعقبتها الدولة الحميرية التي استمرت حتى 527 ميلاديا حسب ما تبينه الكتب والمراجع التاريخية.

وكان سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة “اليونسكو” أحمد الصياد قال إن اليمن يعتزم تسجيل صهاريج عدن ضمن قائمة التراث العالمي، بحسب تصريحه لوسائل الإعلام أواخر الشهر الماضي.

ويقدر الباحثون عدد الصهاريج بنحو50 صهريجا، معظمها صار مطمورا تحت الأرض، و بقي منها 18 فقط، وفقا لرباطي.

وعرف اليمنيون القدماء باهتمامهم بالزراعة واعتمادهم عليها، لذلك أقاموا السدود والحواجز المائية، كما ابتكروا طرقا جديدة للتعامل مع مياه الأمطار، ومنها بناء صهاريج عدن التي تتجلى وظيفتها الرئيسية في حفظ مياه الأمطار وتصريف ما يفيض منها في مصبات معينة، بعيدة عن المناطق السكنية.

يقول خالد رباطي إن الصهاريج رغم أنها شيدت قبل أكثر من ثلاثة آلاف عام لكنها صامدة، وتقوم بدورها بسبب قوة صخورها البركانية، كما أن المادة المستخدمة في بنائها قوية وصلبة ومتماسكة، ومادة البناء عبارة عن رماد بركاني مختلط بمادة النورة (مادة تستخدم في الطلاء) تشكلت تحت درجة حرارة عالية.

ويضيف رباطي أن الصهاريج تقوم بحماية المدينة من الفيضانات والسيول الموسمية، وتخفيف اندفاعاتها وأضرارها المحتملة على المنازل القريبة، كما تقوم بخزن الماء وتصريف ما فاض منه إلى البحر.

ويتذكر مواطنون في عدن أن أمطارا غزيرة هطلت على المدينة في العام عام 1953 إبان الاحتلال البريطاني وأدت لتخريب عدد من المنازل القريبة من الصهاريج نتيجة أن غالبية هذه الصهاريج طمرت تماما وبعضها طاله التخريب والإهمال، و هو ما لفت انتباه السلطات لأهمية المحافظة على ما تبقى من الصهاريج وسعت حينها لترميم أجزاء منها.

وعن مستوى الإقبال على الصهاريج من الزوار المحليين و السياح العرب و الأجانب قال رباطي إنها تراجعت في السنوات الأخيرة بسبب الأحداث الأمنية التي تشهدها البلاد في عدد من المحافظات.

وقال إن الصهاريج كانت في الفترة السابقة و حتى العام 2010 تستقبل سنويا آلاف الوافدين من الداخل و الخارج، ونسبة كبيرة منهم قادمون من دول عربية وأوروبية.

وعن الصعوبات التي تواجهها إدارة الصهاريج في الوقت الراهن قال رباطي إن البنية التحتية والخدمات الأساسية في الصهاريج متهالكة، ولا توجد نفقات تشغيلية ما يعني أن الإدارة تواجه أوضاعا صعبة من الناحية المالية، وأبرزها عدم قدرتهم على تسديد الديون المستحقة على الصهاريج لمؤسسة المياه التي تتجاوز مليون ريال يمني (5 آلاف دولار أمريكي).

كما أن تراجع إقبال السياح والزوار ضاعف من المشاكل المادية إذ تعتمد الإدارة في تسيير شئونها على ما تحصل عليه من رسوم الوافدين الرمزية، ” رسوم الدخول إلى الصهاريج تعادل نصف دولار عن الفرد الواحد”، حسب رباطي.  

وقال مدير عام الصهاريج إن ما تحصل عليه الإدارة من مبالغ زهيدة يتم إنفاقها على العمال الذين يكافحون من أجل الحفاظ على الصهاريج و نظافتها.

ويلاحظ الزائر للصهاريج أنها تعاني من إهمال الجهات الحكومية حيث تكاد تنعدم فيها الخدمات الأساسية من مياه نقية و إضاءة و دورات مياه و غيرها، على الرغم أن جهات خارجية تكفلت بإجراء أعمال ترميم و إعادة تأهيل في أجزاء رئيسية من الصهاريج كان لها أثرها في إيقاف انهيارات محتملة لها.

وفي الآونة الأخيرة بدأت مبادرات شبابية ومدنية تتكفل بمساعدة إدارة الصهاريج في تنظيف الصهاريج والترويج لها من خلال إقامة الأنشطة الفنية والثقافية هناك.

وكانت الحكومة اليمنية أنشأت في العام 2003 منتدى صهاريج عدن، وهو عبارة عن ملتقى ثقافي إبداعي يحمل اسم الصهاريج ويقوم بالفعاليات الفنية والأدبية والثقافية، إلا أنه يغلب على نشاطاته أنها شبه موسمية.

 ومثله المؤتمر السياحي السنوي الذي تنظمه وزارة السياحية كل عام، و هو عبارة عن مهرجان يستمر عدة أيام في أواخر العام باسم “مهرجان صهاريج عدن”، و خصصت الحكومة لمهرجان العام الجاري مبلغ 3 ملايين و سبعمائة ألف ريال (يعادل 17 ألف دولار أمريكي).

وفي سياق حديثه عن الصعوبات، قال مدير عام الصهاريج للأناضول إنهم يعانون من تضارب الصلاحيات والتدخلات من الجهات الحكومية الإشرافية في وزارة الثقافة وهيئة المحافظة على المدن التاريخية (هيئة حكومية تهتم بالمناطق التاريخية والأثرية)، ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الحكومة اليمنية على تلك التصريحات.

وطالب رباطي وزارة الثقافة بـ”بذل المزيد من الجهود لتلافي أوضاع الصهاريج التي تعد مؤسسة سياحية فريدة على مستوى العالم، و إعادة ترميمها باعتبارها ملكية عامة و معلم تاريخي شاهد على حضارة اليمن”.(الاناضول)

اليمنيون أمام تحدي بناء الدولة الجديدة

 

نشر المقال في موقع رأي اليوم 

منذ اندلاع الثورة الشعبية السلمية في فبراير/شباط2011 واليمنيون لا يكفون عن التطلع لبناء الدولة الجديدة، مراهنين في ذلك على ما أحدثته الثورة نفسها من اختراق قوي لجدار النظام الذي بدا لسنوات طويلة قويا وعصيا على التغيير، بحكم التجربة الطويلة التي خاضها ونجح في مراحل عديدة منها في ترويض الخصوم، وتفكيك الجبهات من حوله جبهة إثر أخرى،                 وبفعل الظروف والملابسات الخاصة باليمن وقواها المختلفة امتدت مرحلة الثورة شهورا ناهزت السنة حتى اقر النظام الحاكم بنصف هزيمة، وقبل بنصف مغادرة، أوبتسليم نصف مقاعد حكومته للتكتل المعارض الذي صار شريكا له في الحكم، بعد تنحي صالح عن منصب الرئيس مقابل منحه الحصانة بموجب اتفاقية نقل السلطة المعروفة باسم المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة.       وإثر ذلك شرعت القوى السياسية اليمنية على اختلاف مواقفها ومن مختلف مواقعها من الثورة والتغيير السياسي، في المشاركة الفاعلة في رسم معالم المستقبل، اعتمادا على ما توافر من توافق داخلي ودعم خارجي، ورعاية إقليمية ودولية،    

وبعد التوقيع على المبادرة الخليجية في تشرين ثاني (نوفمبر) 2011 كانت الحكومة أول ملمح من ملامح العهد الجديد مع ما صاحبها من ملامح التغيير السلمي، بدءا بانتخاب الرئيس بشكل توافقي تمهيدا لتوليه إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية.

ثم بدأت عمليات التغيير الشاقة والمعقدة والطويلة، وصولا لعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في مارس/آذار الماضي، بمشاركة كافة القوى والمكونات السياسية والثورية المستفيدة من عملية التغيير، باستثناء بعض فصائل الحراك الجنوبي.

وبعد حوالي عشرة أشهر من العمل المتواصل أنهى المؤتمر أعماله معلنا اختتام مرحلة الحوارالخاص بصياغة الرؤى  التصورات المطلوبة لبناء الدولة وصناعة المستقبل، وهوما يعني البدء بالمرحلة الأهم والمتمثلة بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وفي طليعتها ترجمة ما يتعلق بالشكل الجديد للدولة على أرض الواقع، في سياق وضع الحلول والمعالجات للمشاكل والقضايا ذات البعد الوطني التي ظلت على مدى سنوات تحتل الحيز الأكبر في مساحة الوعي الوطني السياسي والاجتماعي والثقافي.

والحقيقة أن الوثيقة الوطنية التي خرج بها المتحاورون حققت – إلى حد كبير- الحد الأدنى من توافق المشاركين في الحوار على طموحات ومطالب اليمنيين المستندة على إيجاد الدولة الضامنة للحقوق والراعية للحريات، بمؤسساتها القائمة على الكفاءة والنزاهة وقيم المساواة والعدالة وحقوق الإنسان.

ووفقا لهذه الوثيقة تبدوالمخارج العملية واضحة المعالم بينة المسالك في السير نحوالمستقبل الذي كانت غالبية القوى شريكة في صناعته، ومشاركة في رسم ملامحه، كما أن ما يظهره البعض من اعتراض على بعض المخرجات الخاصة بشكل الدولة لا تعدوعن كونها ملاحظات، ولم يعد من مجال للانقلاب على ما خرج به المؤتمر، خصوصا وقد حقق قدرا مرضيا من التوافق، بشهادة جـُل مكونات الحوار- إن لم نقل كلها.

وحسب ما يراه معدوالوثيقة فإن المستقبل القريب يعتمد استثمار التوافق في الحوار والبناء عليه في مرحلة تنفيذ مخرجات هذه الوثيقة، وهوما يتطلب بالتالي بناء الكتلة الوطنية الواسعة من أولئك الذين يؤمنون بعملية التغيير وبناء اليمن الجديد.

بالإضافةلاستثمار الدعم الدولي لمخرجات الحوار الوطني في اليمنبوصفها “قصة نجاح لمبدأ الحوار بين المختلفين”، وإدراكهم العميق لمخاطر الفشل، التي لن تقتصر على إشاعة الفوضى والخراب في اليمن وحده.

ولم يغب عن خلد المتحاورين وراسمي مستقبل اليمن وضع الضمانات الاساسية الخاصة ببناء الدولة الجديدة، بعد استعادة هيبتها وسيادتها على كامل الأرض اليمنية، وبما يكبح جماح العصابات المسلحة التي بات خطرها يهدد كل شبر في البلد، وبما يجعل الدولة ذاتها قادرة على نزع الأسلحة من أيادي تلك العصابات والميليشيات التي بدا أنها استفادت الفترة الماضية من فشل النظام السابق في تحقيق التنمية الشاملة وضعف الإدارة الحالية عن تحمل تبعات التركة الثقيلة من الفشل المزمن، وسعت لتوسيع رقعتها ومد نفوذها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، كل ذلك كفيل بجعل الدولة – في حالة استعادة هيبتها – أقوى الضمانات على تنفيذ صحيح للمخرجات وتحويلها إلى واقع ملموس، وليس مجرد توصيات واقتراحات.

وتنص وثيقة الحوار الوطني على أن يبدأ المسار من نهاية اختتام الحوار الوطني إلى الاستفتاء على الدستور الجديد (ومدتها سنة) ثم ينتهي عند الولوج إلى المحطة الثانية محطة تأسيس الدولة وإجراء الانتخابات.

وبعد كتابة الدستور الجديد الذي يحدد المدة الزمنية لفترة قيام سلطات الدولة الاقليمية والاتحادية وإجراء الانتخابات العامة.

وتقر الوثيقة “الشراكة الوطنية الواسعة” باعتبارها المبدأ الحاكم للمرحلة القادمة، من أجل إحداث تغيير حقيقي ينعكس بوضوح وواقعية على العملية السياسية وحياة المواطنين، وأهمية استمرار دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية في اليمن وتلبية الاحتياجات التنموية.   

ومن المؤكد أن هذه المهام الاستثنائية بالنظر للظروف التي تعيشها البلاد لن تكون سهلة التنفيذ وسيكون أمامها الكثير من المعوقات  والعراقيل التي ترعاها وتشجعها قوى عديدة متفقة أحيانا فيما بينها ومختلفة أحيانا أخرى، وغالب اتفاقها يتجلى في كونها مستفيدة من بقاء الأوضاع على ما هي عليه، وكونها بالمقابل متضررة من إجراء التغيير الجاد والحقيقي، لأنها ترى أن الذهاب نحوالمستقبل يعني وأد مشاريعها المشدودة لصراعات الماضي التي عانى منها اليمنيون منذ ثورتهم الأولى قبل ستين عاما.

ميـــــــلاد

 

  • إلى القصيدة في ذكرى ميلادها..

ها أنتِ – و الأيام تعبرُ- تعبرين على ضفاف

الشوق و الرؤيا الجديدة ْ

              و أراك يا حلمي كـ”بوح الفجر”

إن هبّت به الأنسامُ تستجدي نشيدهْ

و لأنت بوصلة الشعور

إذا ألمّ الخطبُ من حولي

و مات الشعر في رمضاء يكويها الهجير

و أنتِ ميلادُ الضياءِ لأحرفي

و صدى البكاء المرّ بين خواطري

و لأنت أنسامي و أحلامي

و مبدأ قصتي و عبير أيامي

وخاتمة القصيدة ْ

يا أجمل الكلمات إني ظامئٌ

لندى ظلالك فلتمديني

بفيءٍ من ظلالكْ

أطياف روحك في خيالي رفرفتْ

فلتسرجي روحي بطيف ٍِ من خيالكْ

و لأنتِ إعلانُ البداية منذ فجر طفولتي

و رثاءُ عمري إن توارى

في الفضاءات البعيدةْ

ديسمبر 2005م

ذكرى تخصني

 

 

في مثل هذا اليوم من العام 2004م، أي قبل عشرة أعوام غادرت حياة  العزوبية و بدأت حياة جديدة في عش الزوجية، أجدني اليوم- مختلفا كثيرا عما كنته قبل عقد من الزمان، أهمها وجود زوجتي الغالية و طفلينا الحبيبين (طارق و زينب)، و أشياء عزيزة يصعب نسيانها أو تجاوزها كلما مر الوقت بها و عليها.

 و بالمناسبة أرى لزاما أن أشكر كل من جاد علينا بموقف مؤازر، و لكل الذين لم يبخلوا بالوقوف كلما طلب منهم ذلك، لكل الحاضرين في تلافيف الذاكرة، و هم كثير و يعز علينا أن ننساهم.

أسمى معاني التقدير لزوجتي الحبيبة، رغم جهودها المتواصلة في التحصيل العلمي أثمرت حصولها العام الماضي على درجة الماجستير بامتياز، و هي الآن في طريقها للدكتوراه، لكنها ظلت الأساس الذي يقوم عليه بيتنا الصغير رغم مشاغلها،

و كل أمنيات العمر للصغيرين الذين أضفيا على حياتنا هالة من الفرح لا تغادرنا.

مدونة الصحفي/فؤاد مسعد