الشاعرة والإعلامية لينا ابوبكر.. توثيق ذاكرة الوطن وانتصار قضايا الأمة

 

تجمع الشاعرة و الإعلامية الفلسطينية – الأردنية لينا أبوبكر بين الإبداع الأدبي شعرا ونقدا من جهة وممارسة النشاط شبه اليومي من جهة ثانية.

حيث تنشط بفاعلية و إيجابية في كثير من الفعاليات لما يخدم قضايا الأمة العربية والإسلامية في كثير من الدول و المجالات، خصوصا في الشعر الذي برزت فيه كواحدة من ابرز الشعراء خلال فعاليات و أنشطة وملتقيات شهدتها الأردن ولبنان والجزائر وبريطانيا وفرنسا، و كان لها مشاركة أيضا في المظاهرات التي شهدتها بريطانيا بدعوة من ناشطين بريطانيين وعرب للتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية على جنين 2002 و غزة 2008 و 2009م، وكذلك مناهضة الحرب على العراق 2003م، وكان من أبرز الناشطين في تلك المظاهرات النائب البريطاني المعروف: جورج كالوي الذي قاد فيما بعد حركة تضامن عالمية لمناهضة الحصار الجائر على غزة،  ولا تزال تشارك في عدد من الحملات الإنسانية التي تنظمها هيئات حقوقية دولية للتصدي للفقر والمجاعات ومناهضة الحروب وقتل الأبرياء في العراق وفلسطين ولبنان وكل دول العالم، ومن أجل تفعيل النشاط الإنساني في سبيل تخفيف المعاناة عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال وأسرى المعتقلات السياسية.

رؤية نقدية

شاركت الإعلامية و الشاعرة لينا أبوبكر في عدد من البرامج الحوارية على عدد من القنوات العربية و الغربية لمناقشة و تحليل قضايا الساعة والتداعيات التي تعيشها أمتنا اليوم في الوقت الراهن، و برزت كناقدة ومحللة تتحلى برؤية ثاقبة في عدد من القضايا سيما ما يتعلق منها في الشئون الثقافية و الفكرية و الفنية، وحين تلامس قضايا ترتبط بالتأثير الثقافي أو التلاقح الفكري بين الشعوب لا تبدو أمامها متصلبة ورافضة لكنها في كثير من الأحيان ترى أهمية أن يضطلع العرب بمواجهة العبث الذي تضخه هوليود وأخواتها، تتحدث عن امتلاك العرب لما يزيد عن 600 قناة فضائية متخصصة في غالبيتها في الترفيه الذي يصل أحيانا إلى التخدير، دون أن يكون بينها قنوات تهتم بالتراث و التاريخ العربي على سبيل المثال، تستدعي في الغالب مظاهر انسلاخ الأمة عن الهوية مع التنبيه لمخاطر هذا الانسلاخ، وتنعي على النخب المثقفة و الإعلامية ما تسميه بـ”الاستنساخ”، وتجزم أن المرء حين يبدأ التقليد فهو يعلن إفلاسه، و في كثير من أحاديثها تدعو لمناهضة ثقافة الهزيمة عبر استنهاض “دافع شخصي” داخل كل فرد قائم على التربية و  التوعية، وتدعو لإيجاد التوازن الذي يقف في مواجهة الذوبان الثقافي و ثقافة التبعية من جهة و محاربة التطرف من جهة ثانية، و بعيدا عن الانغماس من ناحية والانغلاق من ناحية أخرى.

معاناة الأسرى وتوثيق القضية

بكلماتها التي تفيض شاعرية عذبة شاركت شاعرتنا أسرى السجون الإسرائيلية معاناتهم، و ساهمت في توثيق تلك المعاناة سواء من خلال صحيفة “أسرانا” التي أسستها و ترأس تحريرها، أو من خلال قصائدها التي تنشر  في عدد من الصحف و المواقع الإليكترونية أو تلك القصائد المسجلة بصوت الشاعرة و المنتشرة على مواقع اليوتيوب وصدرت لها مجموعة من الأشعار و الأعمال الإبداعية المخصصة للأسرى في سجون الإحتلال الإسرائيلي،

 و منها قصيدة بعنوان “فديتك” التي تقول فيها:

فَديْتُكَ .. تُلْقي

يدَيْك

تَشًقُّ  جِدارَ الظّلامِ

كأَنَّ

يديْك عصا الأّنْبِياء ْ ..

فَدَيْتُكَ… منْ قالَ أنَّ السّلاسِلَ ليْسَتْ

عَصاكَ

وحريّةً بَعْد ُ تَسْعى ؟

فَدَيْتُكَ … لَوْ كانَ  لي  قَلْبُ  أمِّكَ  حينَ  أُسِرْتَ

لآوَيْتُ  أيّوبَ  صَبْري  بِقَلْبِ  جُنوني

وخَبّأْتُ   دَمْعي  بِعَيْنِ  البُكاءْ !

و في قصيدة أخرى بعنوان “وسادة محارب” تقول:

ويبسط في السجن

ليلا بلا عين حتى ينام

فيوجعه الليل معصم أغلاله

 و خشخشة في صرير العظام

يقلب جنب السلاسل ذات اليمين و ذات الشمال

و لكن كل الجهات تؤدي إلى حائط بين زنزانتين،

……

لا وجه غير ظلام السجون لوجه الظلام

هنالك حيث الرقاد عدو الكرى

والكرامة حبل المسد

هنالك تبرد تلك المسافة بين الكرامة والرها

حين يغلي الجسد

هناك ليس يشم سوى انفه

حين يعلق مثل  الرطوبة بالرائحة

و ليس بمقدور شباكه يصطفي خدعة الشعر

كي يستعيد حمامته النائحة

فينتبذ الآن حلما قصيا بيقظته

كلما أزفت عين جمرته و هي تلتقط

الشوكة الظمأى من وردة جارحة

في شعرها كما في كتابتها الصحافية تحرص لينا أبوبكر على توثيق الذاكرة الفلسطينية، و تبدو كثير من قصائدها تدوينا مشوقا لأحداث فلسطين و ذكريات أبنائها، و تقول في قصيدة لها مخاطبة شهداء مذبحة صبرا و شاتيلا:

لجرحك – حين يئن الرصاص على هدأة الليل-  مني سلامْ
لليلك حين تضيء القيامة خيمته بالقنابل كي لا ينامْ
لصمتك حين تخبئ صوتك في رجفة العتم ِ تجثو على ركبة الخوف نصف حطام
تلملم ما قد تبقى من الحشرجات على حائط للنشيج
وتحفظ سرك في صرة الذكريات
وتدفن في شفة البئر كل دِلال الكلام ْ

و كانت الشاعرة و الكاتبة لينا أبوبكر تبنت مشروعا خاصا بتوثيق الذاكرة الفلسطينية من خلال حوارات و لقاءات صحفية مع عدد من الشخصيات الدينية الفلسطينية و عدد من الأسرى المحررين و الضحايا الذين نجوا من المجازر و المذابح، و منذ العام 2007م بدأت “القدس العربي”  نشر حلقاته، و قد شملت الحوارات مفتي الأقصى الشيخ/ عكرمة صبري، و رئيس أساقفة الروم الأرثوذكس في القدس المطران/ عطا الله حنا، و من شهود العيان عازف الكمان الشهير ” جهاد عقل ” و عازف الجاز اليهودي الجندي السابق في اجتياح لبنان “جيلاد أتسمون” وغيرهم.

و كما حافظت الشاعرة على مراكز الصدارة منذ وقت مبكر من حياتها في المسابقات الشعرية على مستوى المدرسة و الجامعة حافظت أيضا على مستوى متميز في الكتابة الشعرية من خلال جمعها بين الشعر العمودي و الحر، و نجحت في توظيف ما تمتلك من أدوات اللغة في إضاءة نصوصها بقناديل من سحر البيان و نغمة الموسيقى الداخلية و الخارجية، كما أفادت الشاعرة من ثقافتها و سعة اطلاعها في تكثيف شعرها بالدلالات و الرموز التاريخية و الأحداث و الوقائع التي أبدعت في استدعائها كلما وجدت إلى ذلك سبيلا،  و تبدو قصائدها التي لم تقتصر على غرض شعري معين حافلة بالصور و الرموز و التشبيهات و و مفردات الحوار و المقابلة و أدوات الاستفهام التي تمنح القصيدة حيوية ومن نوع خاص، هذه و غيرها أمدت النص الشعري بعناصر جديدة من التشويق و التأثير، بالإضافة لوجود روح شاعرية تسري بين الكلمات لتضيئها و تضفي عليها هالة من السمو تجعل للكلمات وقعها الخاص و للقصيدة عذوبتها المتفردة، و للقصيدة كما و للكتابة الصحافية و النقدية عند “لينا” الشاعرة المثقفة و الإعلامية الناقدة  رسالة سامية لا تخطئها العين ولا تغيب برهة عمن تلقى شيئا من إبداعها .

الربيع العربي و عصر الثورة

و حين هبت رياح الربيع العربي من تونس و مصر كانت الشاعرة ضمن المثقفين

 و الشعراء الأوائل الذين ناصروا الثورة و آزروا الأحرار، تقول في قصيدة عنوانها تونس:

لتونسَ حين يحين ُ الجحيم …
لها جنّتانْ ..
فواحدةٌ  من  نحيل  وأعنابَ

خضراءُ عاليةٌ
وواحدة للفراشاتِ

 حين تحلق ُ فوقَ
سرير الدُّخان ..
وتونس أغلى البلادِ
بِعيْن العبادِ
لها مقلةٌ
وأنا لي بها مقلتانْ

و قد برزت لينا بقصيدتها الشهيرة “عصر الثورة” التي أيدت بها ثورة مصر و بثتها قنوات فضائية بصوتها و كانت لأول مرة تلقي القصيدة باللهجة المصرية لأنها في جميع قصائدها تكتبها و تلقيها باللغة العربية الفصحى، و حين سئلت عن ذلك أجابت: اليوم أشعر أننا جميعا مصريون،

و تقول في قصيدتها التي عنونتها بـ”مرسوم تنحي”:

يا أيها الشعبُ :
سأوهب قلبي وروحي إليكمْ
وأفدي البلاد بما راح
أو ما يجيء من العمر
إما قبلتمْ وإما عرضتمْ
سأفدي حماي براحة نفسي
ومقتي ويأسي
وحظي ونحسي
وأرهن ما ملكته يداي من الخوف والجوع بين يديكمْ
فما الموت و الفقر إلا سلام عليكمْ
وما القهر إلا دلال الحنايا
ولطف السجايا
به قد غنمتمْ
فإما رضيتم قضيتُ عليكمْ
وإما أبيتم وثُرتمْ قضيتُ عليكمْ
وليس أمام القرار خيار سوى عيشة بين موتين
إما خسرتم فأكسب أو أنني كاسب لو خسرتمْ

ودمتمْ
(حاكم في مهب ثورة)

بطاقة تعريف:

  • ·        شاعرة وكاتبة صحفية ولدت في 22 مايو/ايار 1973م في الكويت، تلقت تعليمها الجامعي في عمان بالأردن، و تقيم حاليا في لندن،
  • ·         حاصلة على البكالوريوس في الأدب العربي من الجامعة الأردنية في العام 1995م، و صدر لها ديوانا شعر، هما: “المحارة الجريحة”  و “خلف أسوار القيامة”،
  • ·        اختيرت للانضمام إلى أكبر معجم عربي معاصر”معجم البابطين” والذي يضم بين دفتيه كل شعراء العرب المعاصرين من بينهم الشاعر الكبير محمود درويش والجواهري.
  • ·        في العام 1992م خلفت الشاعرة الفلسطينية الراحلة “فدوى طوقان” في المشاركة في إحياء حفل خيري لصالح الشعب الفلسطيني، و ذلك حين دعيت كأصغر شاعرة فلسطينية من قبل جمعية رعاية أسر الشهداء الفلسطينية للمشاركة في الفعالية التي كانت تشارك فيها شاعرة فلسطين المعروفة فدوى طوقان.
  • ·        كاتبة متخصصة في النقد الإعلامي و السينمائي في صحيفة القدس العربي، و زاوية شهرية في مجلة الإعلام والعصر التي تصدر من “أبو ظبي” – الإمارات العربية المتحدة.
  • ·         شاركت في عدد من المهرجانات الثقافية والشعرية من بينها مهرجان جرش، وعكاظية الشعر العربي للاحتفاء بشعر المقاومة في الجزائر، وأمسيات رابطة أدباء المنفى في بريطانيا بمشاركة عدد من الكتاب والشعراء العالميين، إضافة إلى مهرجان إحياء ذكرى المذابح الفلسطينية حيث ألقت شعرها على مسارح عديدة في بريطانيا وفرنسا وعدد من الدول العربية، و تستضيفها عدد من الفضائيات والإذاعات العربية و في مقدمتها “بي بي سي” و “الحوار” .
  • ·         عضوة في اللجنة الإعلامية للملتقى العربي البريطاني وعضوة في تحرير النشرة الثقافية للملتقى الثقافي العربي البريطاني 2010م.
  • ·        عضوة في المنظمة الحقوقية ” Society Outreach” في لندن – مجلس اللوردات البريطاني.
  • ·        عضوة في اللجنة الثقافية للجالية الفلسطينية في بريطانيا 2010م.
  • ·        رئيسة تحرير ومؤسسة جريدة ” أسرانا ” الالكترونية التي تصدر بشكل دوري من لندن، ويشارك في تحريرها عدد من الأسرى داخل السجون والأسرى المحررين،  وتعد أول عمل إعلامي في العالم يختص بشؤون الأسرى الفلسطينيين وإبداعاتهم من حيث التوثيق والبحث، و يُعنى بأدبيات الحرية، حيث صدر العدد الأول منها في ذكرى يوم الأسير الفلسطيني السابع عشر من نيسان عام 2012، متضمنا صفحتين باللغة الإنجليزية والفرنسية.

(نشر في 5 أكتوبر/تشرين 2012)

في موقع عدن بوست الإخباري

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *