لأطياف الراحلين في معركة الحرية

 

 

أحمد سهيل وعوض اليافعي

يا أنت ما مرت علينا لحظة    في عمرنا إلا ونذكر “أحمدا”

أفقدتنا الحرب التي شنتها الميليشيا أعزاء كثيرين، أقارب وأصدقاء لكل منهم قصة رحيل مؤلمة ودامية، مؤلمة بحجم الألم الذي أحدثته الحرب، ودامية بقدر دماء عزيزة سالت على امتداد الوطن المغدور.


ولكن لحكاية الشهيد أحمد سهيل القطيش ورفيقه الشهيد عوض اليافعي وقع خاص، لأنها تحكي عن شاب كان يخطط لمستقبل التعايش وتعايش المستقبل، قبل أن تتسلل إليه رصاص القتلة القادمين من كهوف الماضي، هي حكاية المستقبل الذي غدر به الماضي، وقصة الحلم الذي أودى به الكابوس في لحظة كانت وستبقى من أقسى اللحظات.
ابتسم أحمد صادقا وقاد رفاقه للحياة فيما كتائب الموت تترصد خطواته، لقد واجههم دون أن يتخلى عن ابتسامته، ولئن ظل الرصاص وسيلتهم في الحرب على الحياة، فقد كانت إرادته سلاحه لمواجهة قطعان الخطيئة القادمة من تحت أقبية الفجور.
رفاق أحمد خسروه لكنه ظفر بالشهادة مقبلا غير مدبر، إذ قال لصحبه وهو يودعهم “إني ذاهب إلى ربي”، وتداخلت مشاعر الألم على رحيله بالأمل بانبلاج فجر قريب.
قال أخوه عوض إنه سيكون أول من يلتحق بأحمد، ليحققا حلمهما الأزلي وعهدا أبديا قضى أن يبقى كل منهما إلى جانب الآخر، ومضى هو الآخر إلى حيث اختار له المولى شهيدا تحلق روحه في حواصل طير خضر في جنة الله التي أعدها للأنقياء المخلصين والصادقين من عباده ونحسبهما كذلك.
في حكاية أحمد وعوض ما يشي بوضوح أن أقبح ما في اليمن شن حربه على أجمل من فيها وما فيها، والدليل أحمد وعوض ومئات الشهداء عطروا بأرواحهم الزكية فضاء الوطن وأرووا بدمائهم الطاهرة شجرة الثورة المباركة.
في لحظة عصيبة كان عوض وأحمد صوت عدن وصورتها، وفي اللحظة ذاتها حاولت العصابات أن تسكت صوت عدن، وتهشم صورتها، فكانا هناك يحملان عدن وتحملهما.

أحمد وعوض عنوان معركة الوطن في وجه الخراب، وأيقونة النصر في حرب الكرامة، وهما نشيد المبادئ التي لا تموت بموت أصحابها، لكنها تصير أكثر قوة وتصميما على البقاء:
سوف تبقى هنا…. كي يزول الألم
أحمد حمل راية التعايش والسلام مع أصحابه الذين آن لهم اليوم أن يحملوا حلمه الجميل.

يا روح أحمد كوني بسلام فالحلم العزيز لم ولن يموت،
ويا طيف عوض رفرف عاليا فالقيم النبيلة التي حملتها مكانها السماء العالية.
والمبدأ السامي يعيش إلى الأبد، إلى الأبد.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *