موقفنا من “عاصفة الحزم”

ربما تساءل المراقبون والمتابعون لما يجري في اليمن عن جدوى التدخل العسكري العربي عبر حملة “عاصفة الحزم”، الهادفة لتقويض القوة العسكرية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، وهذا التساؤل مردّه الخشية من العواقب السلبية التي تخلفها الحلول العسكرية سواء أكانت داخلية أو خارجية، حيث يظل الحوار بين المكونات المختلفة هو الطريق الآمن لحل مشاكل الحاضر وصناعة المستقبل.

 

على أن ما يجب قوله هنا، أن “عاصفة الحزم”، لم تأت إلا بعد ما نفدت كل الحيل وعجزت كل الحلول عن وضع مخرج لأزمة سياسية ظلت تتفاقم يوما بعد آخر حتى وصلت الأوضاع إلى ما وصلت إليه، وغدا – بكل أسف- التدخل العسكري مطلبا ملحا لحماية البلد مما يمكن أن تؤول إليه من حروب وصراعات تبدأ ولا تنتهي، خاصة بعد ما أوشكت ميليشيا الحوثي أن تسيطر على مدينة عدن التي اتخذها الرئيس/عبدربه منصور هادي مقرا له بعد ما حاصره الحوثيون في منزله بالعاصمة صنعاء أكثر من شهر، أجبروه خلالها على تقديم استقالته والبقاء في بيته رهن الإقامة الجبرية، لكنه تمكن من المغادرة بشكل سري وبتسهيلات لم يكشف عنها حتى وصل إلى عدن صبيحة 21 فبراير/شباط الماضي.

وبعد وصوله إلى عدن ظل الحوثيون الذين يسيطرون على كل شيء في العاصمة يهددون الرئيس بالمحاكمة بتهمة الخيانة العظمى، وهي تهمة عقوبتها الإعدام وفقا للقانون اليمني، كما اتهموه بالعمل مع تنظيم القاعدة والتآمر مع قوى خارجية، وهي تهم كيدية بقدر ما هي بعيدة عن الواقع تأتي استهتارا منهم بالدولة ورموزها، وناتجة عن الاستعلاء الذي يعاملون به خصومهم.

 

ويمكن ان يطول الحديث ويتشعب إذا ما كان متعلقا بما فعله الحوثيون خلال السنوات القليلة الماضية، لكنا سنكتفي بالقول باختصار شديد:

الحوثيون لم يتركوا لليمنيين خيارا آخر غير عاصفة الحزم، لتحرير البلد من سطوة الحوثي وميليشياته التي سيطرت على كل شيء، وصادرت كل شيء، وارتكبت كل المحرمات من قتل للأبرياء وخطف للنشطاء وهدم للمنازل واعتداء على الحقوق ومصادرة للحريات، وسيظل حادث (أسامة بدير) عالقا بذاكرة اليمنيين لفظاعته التي لم يكن أحد يتصورها، وأسامة طفل في الرابعة عشر من عمره هاجم الحوثيون منزل أسرته وقتلوا خمسة منهم، بينهم أسامة الذي لم يكتفوا بقتله ولكنهم قاموا بتفخيخ جثته بالمتفجرات حتى إذا اقترب أحد من الجثة انفجرت به، ولم يجد معهم توسل أمه وبكائها عليه وهي تحاول أن تلقي عليه نظرة الوداع الأخير.

اليمنيون الذين يؤيدون عاصفة الحزم لا يحبون الحرب، ولكنهم يرون في العاصفة ضمانا لإيقافها لأنها ستقضي على القوة الباغية التي لم تحترم حوارا ولم ترع اتفاقا ولم ترأف بالمواطنين في أي منطقة وصلت إليها.

 

ومع أن عاصفة الحزم مر عليها ثلاثة أسابيع لا يزال الحوثيون يشنون حربهم الشاملة في أكثر من محافظة يمنية، وفي هذه الأثناء التي أكتب بها هذه السطور يتزايد القصف المدفعي وقصف الدبابات الحوثية على منازل الأبرياء في مدينتي عدن والضالع، وقد قرابة 300 شخص بالقصف أو القنص الذي يباشره الحوثيون على المدنيين في عدن وحدها، ولولا عاصفة الحزم لحصدت آلة القتل الآلاف، مثلما شردت مئات الآلاف من منازلهم، ناهيك عن ما فعلته وتفعله من تدمير يطال كل مجالات الحياة في اليمن.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *