المستشار القانوني علي الزقري: ما يحدث في اليمن ناتج عن غياب العدالة وتفشي الفساد

 

 

عضو الجالية اليمنية في دبي والمستشار القانوني.. الأستاذ علي محمد الزقري ل «26سبتمبر»:ما يحدث في اليمن هو تراكمات لغياب العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد
الخميس, 06 نوفمبر 2014 –> العدد 1789 – حوارات (صحيفة 26سبتمبر)

الفساد والجهل اكبر عائقين أمام تحقيق التنمية المجتمعية
النظام الاتحادي سيحقق النجاحات إذا توفرت النوايا الجادة والصادقة لبناء الدولة الجديدة
العمل على تطبيق مخرجات الحوار الوطني وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة من اجل الوصول لمفهوم الدولة
يتابع المغترب اليمني ما يحدث داخل الوطن بكل أسف ويتألم لذلك كثيراً.. المستشار القانوني بدولة الإمارات العربية المتحدة الأستاذ علي محمد الزقري يعتبر كل ذلك له خلفيات في عدم تطبيق سيادة القانون وتوسع الفساد في كل مؤسسات الدولة بالإضافة إلى غياب العدالة في الجهاز القضائي..وأوضح ان ذلك كان عبارة عن تراكمات لعدة عقود أفضت بالمشهد الأمني والاقتصادي والسياسي إلى ان يكون بهذه الحالة التي تمر بها اليمن في هذه الفترة العصيبة.. التقيناه أثناء قضاء الإجازة في اليمن وحاولنا ان نسلط الضوء على ما يحدث في بعض الجوانب الأمنية والقانونية..
حوار: محمد العلوي
< كمغترب خارج الوطن.. كيف تنظر إلى الوضع العام في اليمن في إطار الأحداث الراهنة؟
>> حقيقة أخي العزيز الأحداث في اليمن مؤلمة في ظل الصراع الحالي الذي أصبح على أشده بين عدة أطراف وهو في الحقيقة صراع للاستحواذ على السلطة والثروة وتنفيذ أجندة خارجية معروفة ليس للوطن فيها لا ناقة ولا جمل.. واعتقد ان ما هو حاصل في اليمن ما هو إلا جزء مما يجري في الوطن العربي من أحداث فظيعة بفعل عوامل خارجية وأيادٍ داخلية بحتة أوصلت البلاد إلى ذلك.. بمعنى انه مخطط تخريبي وتدميري لكل مناحي الحياة..
غياب العدالة

< ولكن أين تكمن الأسباب؟
>> رأيي الشخصي اعتقد ان كل هذا هو نتيجة غياب العدالة بمفهومها الواسع, بالإضافة إلى تفشي وانتشار الفساد بشكل مهول في كل مؤسسات الدولة وفشل النخب الحاكمة منذ عقود في إرساء مبدأ العدالة وتحسين ظروف الناس, كما ان لسياسة التجهيل دوراً كبيراً في ما نحن عليه اليوم, ولهذا فإن تحقيق الأمن والعدالة هما أساس التنمية والنهوض بالبلد في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولذلك المطلوب من الإرادة الوطنية السياسية والمجتمعية ان تنسق فيما بينها للخروج بالبلد من هذا الوضع المزري بل المطلوب من كافة فئات المجتمع دون استثناء.. العمل بجد وإخلاص لهذا البلد من اجل الأجيال القادمة..
معوقات سلبية

< هل أفهم من حديثك أن ما يدور تقف خلفه تراكمات تاريخية من المشاكل والقضايا؟
>> بالطبع أخي العزيز وهذا ما اقصده بالتأكيد لأن قضايا المواطنين المختلفة سواء في المحاكم أو في الجانب التنموي تتراكم وترحل من عام لآخر, وتنصدم بعدة عوامل أهم عامل فيها عامل الفساد الذي دمر كل شيء وافسد أخلاق شرائح واسعة.. وللعلم هناك قضايا في دهاليز بعض المحاكم الفاسدة لها من عشرات السنين وتعود بعضها إلى ما بعد قيام ثورة 26سبتمبر 62م,.
هذا القضاء الذي لم يبت في قضايا المواطنين بصدق ونزاهة قد أعاق كل مساعي الحياة نحو التقدم والتطور, والمشكلة مازلنا في دائرة سوء الأوضاع.. وكل المعوقات السلبية والفساد وغياب العدل والعدالة أوصلتنا إلى ما نحن عليه..
الاهتمام بالتعليم

< برأيك.. أين يكمن الحل؟
>> بالنسبة لي اعتقد ان ضعف التعليم ومخرجات التعليم في بلادنا هي السبب الأبرز في ذلك لأننا لم نستطع خلال العقود الماضية ان نبني عقول البشر والاهتمام بالإنسان اهتماماً نوعياً وليس عددياً ولهذا لا يزال الجهل والأمية هما أكبر عائق أمام تطور ونهوض التنمية في بلادنا, إضافة إلى غياب الضمير الوطني والنزاهة في العمل..
نحن بحاجة إلى ثورة تعليمية جذرية تزيل كل المفاهيم التقليدية, وعلينا ان نأخذ تجارب الكثير من البلدان التي أسست وسخرت كل جهدها لإيجاد نهضة علمية جادة وحقيقية لذلك التغيير الايجابي من الأسس والقواعد ولإيجاد مشروع دولة بدايته الاهتمام بالإنسان الذي هو العمود الفقري في ذلك المستقبل المأمول فيه بناء الدولة الحقيقية, وأكبر مثال على ذلك الشيخ زايد- رحمة الله عليه- استطاع من خلال تركيزه على الإنسان ان يشيد دولة الإمارات مبنية على العدل وحقوق الإنسان من بناء الإنسان الإماراتي ذاته والذي استطاع ان يبني وطناً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى..

تفعيل الأنظمة والقوانين
< في ظل الوضع الراهن.. وكرجل قانوني.. كيف بإمكاننا ان نصل إلى الدولة المدنية القائمة على النظام والقانون؟
> > إذا استطعنا ان نوجد الأمن والاستقرار للبلد في هذه المرحلة في ظل كل هذه التناقضات المعقدة وذلك بتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية والابتعاد عن المناكفات السياسية والعمل على تطبيق مخرجات الحوار الوطني وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة وكل طرف يعمل على هدف بناء الدولة والتخلي عن منطق السلاح وفوهة البنادق, بالتأكيد سنصل إلى مفهوم الدولة عبر تفعيل الأنظمة والقوانين لكل الناس بالتساوي.
ما نأمله مستقبلا الانتهاء من صياغة الدستور والذي سيكون مرجعية لكل أبناء الوطن, بالإضافة إلى تفعيل الجهاز القضائي وتنفيذ الأحكام وبصرامة وهذا يتطلب القضاة ممن يتحلون بالنزاهة والأخلاق القضائية والقانونية ومع ان يعطى القاضي كافة حقوقه هذا إذا أردنا ان نعزز دور الجهاز القضائي, والاهم من ذلك كله يجب تفعيل هيئة التفتيش القضائي وبصرامة وهي من ستوجد الالتزام بالمعايير لكل القضاة بعيداً عن المحاصصة الحزبية, فالقاضي يؤدي دوره لكل أبناء الوطن وليس ملكاً لحزب وهذا ما يجب ان يكون عليه القضاء مستقبلاً ان يكون سلطة مستقلة تماماً.. فالقضاء لا سلطان عليه إلا الله ثم ضمير القاضي نفسه..

استقلالية القضاء
< ما الذي يجب على لجنة صياغة الدستور من ذلك؟
>> يجب ان تهتم بهذا الجانب بأن يكون القضاء هيئة مستقلة تماماً لا يخضع لأي جهة مطلقاً لا لرئاسة الجمهورية ولا لأي وزير كان, هذا إذا أردنا الارتقاء بالقضاء في بلادنا ليكون حراً ونزيهاً ولا يجوز أن تكون هناك أية سلطة على القضاء, مشكلتنا في اليمن ليس الدستور أو القوانين بالعكس القوانين اليمنية من أفضل القوانين..
ولكن مشكلتنا تكمن في تنفيذ القانون وتطبيقه, مثلاً قانون الاستثمار يعد من أفضل القوانين في أغلب البلدان, ولكن تطبيق هذا القانون هو أكبر عائق أمام ضياع الفرص الاستثمارية في بلادنا ويرجع ذلك إلى عدم تنفيذ نصوص القانون.. وفساد الوضع الاستثماري برمته..
تجارب ناجحة

< بإقرار النظام الاتحادي في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.. هل سيعمل على حل المشاكل والقضايا الوطنية برأيك؟
>> اعتقد بأن النظام الاتحادي سيحقق النجاحات في حال إذا أخلص الجميع النوايا الصادقة من اجل اليمن وأكبر دليل على ذلك النجاح الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة باتخاذ النظام الاتحادي في بناء دولة الإمارات بناءاً حديثاً.. كما لاحظ أخي إلى أين وصلت دولة الإمارات من التطور والرقي ورعايتها لحقوق الإنسان الإماراتي أو حتى غير الإماراتي إذ أصبحت من الدول الأكثر تقدماً وتطوراً على مستوى المنطقة العربية بل ومتقدمة على الكثير من البلدان الخارجية والتي حققت قفزات كبيرة ومميزة جداً لتصبح دولة منافسة على المستوى العالمي.. يجب على الإخوة في لجنة صياغة الدستور ان يستفيدوا من هذه التجربة باعتبار ان دستور دولة الإمارات من أجمل الدساتير العربية حيث يتصف بالمرونة لا بالجمود, والاهم أن تكون النوايا صادقة لبناء الدولة القائمة على العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية.. وإذا لم توجد النوايا مهما كانت الدساتير متطورة لن تكن ناجعة أبدا.. ولن نحقق أي تقدم يذكر..

النزاهة والاهتمام بالشباب
< كمستشار قانوني ومن خلال متابعتك لما يجري.. هل أنت متفائل بإيجاد الدولة المدنية في اليمن خلال المرحلة القادمة؟
>> لا أخفيك أخي العزيز أنني متفائل جداً بالله ودائماً كلما أتابع المشهد الداخلي باليمن ينتابني الخوف والجزع ولكن يبقى التفاؤل والأمل الذي نعيش عليه في بناء الدولة اليمنية الحديثة, التي مازلنا نبحث عنها منذ أكثر من خمسين عاماً.. وان شاء الله سنصل إليها قريباً رغم اننا طوال فترة حياتنا لم نر إلا الصراعات والحروب..
برغم ذلك الأمل في الله يحدونا في ترجمة الحكمة اليمانية, وهناك الكثير من الشخصيات الوطنية والتي تحب الخير للبلد, وحقيقة الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات خطوة ممتازة طالما انتظرها الكثير لأن تكون الكفاءات هي من تدير شؤون البلد ممن تنطبق فيهم النزاهة والأخلاق الوطنية وبما يمكنهم من قيادة الدولة بالشكل الذي ينبغي ليتسنى لهم تحقيق التنمية المجتمعية الواسعة, لأنه- وكما رأينا- ونحن منذ عقود وكل الحكومات هي محاصصة وحزبية وقبلية أثبتت فشلها الذريع في كل مناحي الحياة ولم تلب أدنى الاحتياجات للمواطن, كما انه وباعتقادي ان الأقاليم ستكون أكثر تنافساً فيما بينها من اجل تحقيق التنمية وجميع هذه الأقاليم غنية بمواردها الاقتصادية والسياحية وأنا متفائل جداً بالقادم إن شاء الله, ولكن ما أحب ان اشدد عليه هو إيجاد الحلول الجذرية والناجحة من اجل وضع حدٍ للآفة التي دمرت البلاد والعباد وهي شجرة القات التي اعتبرها الكارثة على مستقبل الشعب.. وعلى الدولة إيجاد البدائل عن طريق تشجيع ودعم الزراعة بمختلف أنواعها وفتح نوادٍ ثقافية ورياضية وملاعب من اجل استقطاب الشباب والعمل على تنمية أفكارهم ومداركهم واستغلال طاقاتهم الإبداعية وأوقات فراغهم وبما ينعكس على مستقبلهم في كل إقليم وكل ولاية, لأن الشباب هم ركيزة بناء وارتقاء البلد بدلاً من أن يهاجر ابناؤه في كل بقاع الأرض بحثاً عن العيش الكريم..

الرعاية والاهتمام
< بصفتك احد أعضاء الجالية بدولة الإمارات العربية المتحدة.. كم يقدر عدد الجالية اليمنية وما الأعمال التي يركزون عليها هناك؟
> > طبعاً لا يوجد رقم محدد ومؤكد ولكن في اعتقادي ان هناك ما يقارب ال70 ألف مغترب وهي جالية كبيرة ومثالية بكل ما تعنيه الكلمة يلتزمون بالأنظمة والقوانين ويتحلون بالأخلاق العربية والإسلامية الحميدة, ومعظم أبناء اليمن هناك مندمجين مع الإخوة في الإمارات ويعملون في مختلف القطاعات التجارية المدنية والوظيفية المختلفة من المهن وحتى الأمنية ويحظون بالرعاية والتقدير والاحترام والمعاملة الحسنة في بلدهم الإمارات..
الأوضاع تعكس نفسها
< ولكن ما الشعور الذي ينتاب المغترب اليمني إزاء ما يراه في البلد؟
> > يا أخي العزيز الوضع في اليمن ينعكس على نفسية المهاجر.. بالتأكيد يطمحون يتوقون إلى أن يروا بلدهم اليمن أكثر أمناً واستقراراً وتنمية وتطوراً, من اجل الإسهام الفاعل في تنميته ونهضته.. لكن وعندما يعود المغترب اليمني من أية دولة في العالم ينصدم حين يرى الوضع سلبياً ويؤثر فيه بشكل كبير وان كان ايجابياً عاد عليه بالايجابية وهي الأوضاع تعكس نفسها على المغترب..
ان كل المغتربين اليمنيين ,يطمحون للاستثمار ولكن الواقع لا يخدم ذلك أبداً في ظل الظروف التي مرت بها اليمن ومازالت, هذا إذا لم يتم ابتزازهم وإدخالهم في قضايا هم في غنى عنها, كان من الأحرى تهيئة الأجواء الاستثمارية أمام المغتربين وحماية استثماراتهم ليكونوا عناصر فاعلة ومساهمة في البناء والتنمية المجتمعية والذين بلا شك سيشكلون رافداً اقتصادياً مهماً للاقتصاد الوطني.. الجالية اليمنية جالية كبيرة في كل بقاع الأرض إذا توفرت لهم فرص الاستثمار في وطنهم سوف يتحول هذا الرافد الاقتصادي إلى عامل قوة للدولة ولكن لا حياة لمن تنادي كتب على هذا البلد أن يظل يدور في مربع التخلف والتأخر..
دور غائب

< هناك قضايا كثيرة للمغتربين.. ما دور وزارة المغتربين تجاه ذلك؟
> > ماذا تتوقع.. أساساً لا وجود لما يسمى بوزارة المغتربين.. هذه الوزارة (نكتة) إذ لم تقم بواجبها الوطني تجاه أبناء البلد المغتربين في أي بلد كان, يعني هذه الوزارة في سبات عميق, خصوصاً في السنوات الأخيرة ولدينا دلائل كثيرة..
الشعور بالمسؤولية

<كيف يمكننا ان نتجه باليمن نحو المستقبل المأمول؟
> > بالتأكيد عندما يشعر الجميع بالمسؤولية تجاه البلد والعمل على الارتقاء بالأوضاع الأمنية والتي لم ترتق إلا إذا تحسنت واستقرت العملية السياسية, اعتقد ان ذلك هو البداية للسير نحو استقرار الدولة بل وبداية الطريق الصحيح لتنفيذ الأنظمة والقانون وبوادر هذا تتبلور من خلال- ما قلت سابقاً- الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات من الشخصيات المخلصة والمشهود لها بالنزاهة والتي تعمل بإخلاص وهذه خطوة مهمة جداً لبناء الدولة, عبر إيجاد ضوابط بعيداً عن الإقصاء والتهميش للكفاءات والعقول التي هاجرت خارج البلد منذ سنوات حين لاقت التهميش وعدم احترام كفاءاتها..
العمل بجد وإخلاص
< ما الذي تود أن تقوله في نهاية هذا اللقاء؟
> > هناك الكثير من الهموم التي نراها في البلد ولا تسر عدواً ولا صديقاً هموم بحجم الوطن والعالم إزاء ما يجري ونشاهده من مماحكات وأحقاد وضغائن سياسية تعمل على تدمير مقدرات الدولة والتخريب المتعمد والممنهج الذي يستهدف الخدمات التنموية والاقتصادية لأبناء الشعب من كهرباء ونفط وغير ذلك بغية تدمير الاقتصاد الوطني ومن ممارسات وجرائم إرهابية الكل يستنكرها ويدينها.. ما نتمناه من الخيرين في هذا الوطن أن يدركوا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم إزاء الوطن الذي يمر في هذه المرحلة بظروف عصيبة واستثنائية إما أن نكون أو لا نكون, وان يدركوا ويعوا جيداً أن الوطن على شفا حفرة من التشتت والتشرذم والانهيار, وعليهم أن يغلبوا المصلحة الوطنية فوق مصالحهم الشخصية والسياسية وعليهم أن يصلوا بالوطن إلى بر الأمان.. لأنهم قبلوا أن يتحملوا المسؤولية.. فإما أن تؤدي الأمانة بصدق وأما أن تترك الفرصة لغيرك ليعمل بجد وإخلاص لبناء اليمن.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *