عن اغتيال الدكتور/ محمد المتوكل

 

 

 

الشهيد المتوكل

 

سيكون اليوم ذا دلالة حزينة في حياة اليمنيين، لأنه شهد اغتيال الدكتور/ محمد عبدالملك المتوكل، أحد أبرز المفكرين السياسيين في اليمن، وواحد من أعمدة التجربة السياسية في البلاد.

ويعد اغتياله جريمة بشعة بحق البلد ومصيره ومستقبل التعايش السلمي، وإن استهدافه في هذا التوقيت الحرج يهدف لإشعال فتيل طالما حذر العقلاء – وهو أحدهم- من تبعات اشتعاله. الأمر الذي يعني أن خارطة القتل تمددت إلى ما لانهاية على حساب مساحة الأمل والسلام، وتلك قيم كان يحملها الشهيد الدكتور/محمد المتوكل. إذ كان واحدا من رواد الحياة السياسية بطابعها السلمي المدني الحضاري.

إنها جريمة يتحمل وزرها جميع القتلة، في كل الجهات  وعلى مختلف الجبهات. ومثلما كان الدكتور المتوكل علما بارزا في مسار الانتقال للدولة المدينة ومسيرها فقد أراد القتلة أن يقتلوا – بقتله- كل أمل لليمنيين بيمن مسالم متسامح يعيش بعضه مع بعضه الآخر بعيدا عن لغة الرصاص ومنطق السلاح الذي لا تتقن الميليشيا منطقا سواه.

وكأن رسالتهم تقول: لا مكان لرموز المدنية في أرض تتحول بالتدريج إلى غابة من الوحوش التي ينهش بعضها لحم بعض.

وكأنهم أنفسهم يقولون: لا مكان للسلم والتسامح والتعايش والقبول بالآخر.

مرة فعل القتلة جريمة مثلها عندما امتدت يد الغدر لاغتيال الشهيد جار الله عمر، وكأن أيادي الجريمة جميعها تتحرك في إيقاع واحد، إغراق البلد الغارق أصلا في أتون الصراعات المدمرة.

من يصدق أن الدكتور المتوكل الذي ظل منذ عقود يعلم طلابه وأصدقاءه وزملاءه ورفاق دربه أبجديات العمل السلمي الحضاري، كان في انتظاره قاتل ورصاصة.

لقد ظل الشهيد الدكتور يعمل في مد جسور التواصل بين القوميين والإسلاميين واليساريين، وكان من أعمدة الملتقيات و المنتديات التي تصدت لهذه المهام الكبيرة على مستوى اليمن خاصة والوطن العربي والإسلامي عامة، ومنذ سنوات ظل اسمه حاضرا في المؤتمرات المحلية والعربية والدولية ذات الصلة بالدفاع عن الأمة وهويتها وثقافتها وقضاياها الجامعة، فماذا فعل أعداء الإنسانية؟

ما أبشع أن يتحكم القتلة بمصير البلد وأبنائه، من خلال أفكارهم السقيمة وأعمالهم الدنيئة.  وما أبشع أن يكون القتلة –وحدهم- هم المتصدرون للمشهد، يرسمون فجائعه ومآسيه وخطوطه الدامية في كل لحظة وحين.

رحمة الله تغشى الشهيد محمد المتوكل..

وعزاؤنا للمرابطين في طريق النضال السلمي الذي كان يدعو إليه الدكتور المتوكل.

عزاؤنا لما بقي من اليمن الذي ظل الشهيد ينشده.

عزاؤنا للدولة المدنية التي سعى الدكتور المتوكل جاهدا لجعلها حقيقة.

للبلد الذي ينهار أمام الكل..

للنسيج الذي يتمزق على مرأى الجميع..

للحلم وهو يتحول إلى كابوس..

للأمل الذي بثه الشهيد ورفاقه قبل أن يمضوا..

للأمل الذي بقي بعد رحيلهم..   

للبقية الباقية وهي ترفض القتل والدم والعنف والبارود..

لكل المفجوعين والمكلومين في وطن مستباح..

للحالمين بغدٍ لم يأت بعد..

للشهداء الراحلين..

والشهداء اللاحقين.. 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *