في مطلع عام هجري جديد.. اليمنيين مهاجرون بسبب الأنصار!

 

يحتفل العالم الإسلامي بالعام الهجري الجديد 1436هـ، (ذكرى الهجرة النبوية) وفي حلوق اليمنيين غصة الألم المريرة جراء ما آلت إليه أوضاعهم، وقد أصبح حالهم شبيها بحال المهاجرين الأوائل الذين اضطرتهم المعاناة في بلدهم مكة للفرار بدينهم وأرواحهم إلى يثرب التي أصبحت بعد الهجرة إليها “المدينة المنورة”.

في اليمن نشبت مؤخرا جولات عدة من الحروب والصراعات دفعت بآلاف اليمنيين للهجرة من مناطقهم التي صارت مرتعا لصراع يأخذ أكثر من لون وأكثر من طابع.

منتصف العام 2011م نزح أكثر من مائة ألف مواطن يمني من مناطق سكنهم وعملهم في أبين وشبوة جنوبي البلاد إلى عدن ولحج ومناطق أخرى مجاورة بحثا عن الأمان الذي فقدوه جراء احتدام المواجهات بين الجيش و”أنصار الشريعة”، وهو النسخة المحلية من تنظيم القاعدة، خاصة بعد ما سيطروا على مناطق عدة أصبحت ضمن دائرة نفوذهم.

بينما في شمال اليمن ظلت حركة الهجرة والنزوح مستمرة منذ يونيو/حزيران 2004م، بفعل المواجهات التي نشبت بين القوات الحكومية من جهة و”أنصار الله” التنظيم الشيعي المتمرد و المسلح في صعدة، وكلما طال أمد الحروب زادت أعداد النازحين من مناطقهم في صعدة وحرف سفيان حتى قارب العدد نصف مليون نازح في العام الماضي وفق الإحصاءات الرسمية الحكومية والدولية، وهي الإحصائيات التي لم تشمل الزيادات الطارئة التي وقعت بعد الإحصاء في محافظة عمران الواقعة شمال العاصمة صنعاء، حيث نشبت فيها الحرب منذ أواخر العام الماضي حتى سقطت في قبضة الميليشيا المسلحة في يوليو/تموز الماضي، وقد أصبحت المحافظة شبه خالية من السكان جراء الانتهاكات المستمرة و القمع المتواصل من قبل مسلحي الحوثي.

أضف إلى ذلك ما شهدته العاصمة صنعاء الشهر الماضي من صراعات دامية انتهت بسقوطها هي الأخرى تحت سيطرة الحوثيين الذين نشروا مسلحيهم في كل شبر في المدينة حتى زاد عدد حواجز التفتيش فيها عن عدد الحواجز الإسرائيلية في عدة محافظات فلسطينية.

الحروب لا تزال اليوم على أشدها في حزام الوسط اليمني من غربه إلى شرقه (الحديدة – إب- البيضاء)، في حين محافظات أخرى تضع أياديها على قلوبها في انتظار ساعة الصفر التي لا ينقصها سوى تسرب بضعة من مسلحي الحوثي إلى المكان المستهدف بنصب نقطة تفتيش يزعمون أنهم يبحثون عن خصومهم- وما أكثر خصومهم وربما يكون الخصم المفترض طفلا يحمل مشاعر طيبة لمعاوية بن أبي سفيان، أو قبيلي لا يؤمن بأفضلية البرنامج السياسي للإمام علي بن أبي طالب على برامج منافسيه من بني أمية أو بني عبدشمس!

(قبل أيام قتل الحوثيون طبيبا في مقر عمله لأن لحيته تشبه لحية شخص كانوا يطلبونه في اليوم نفسه).

كان الحوثيون في الحروب السابقة يواجهون الجيش، ومنذ العام 2011م باتوا يواجهون القبائل، لكنهم منذ سبتمبر/أيلول الماضي أصبحوا في مواجهة مكشوفة مع القاعدة، الحوثيون يدعون أنهم أنصار الله، ومسلحو القاعدة يزعمون أنهم (أنصار الشريعة)، ومن سخرية المصادفة يبدو أن الحرب بين الله وشريعته!! أو هكذا زعم أنصار الطرفين.

في مواجهات الحوثيين الأخيرة لإسقاط المدن انضم إليهم طرف ثالث لم يستطع إخفاء رغبته في الانتقام من الجميع، وهو الطرف الذي يطلق على أتباعه (أنصار الزعيم)، و الزعيم هو الرئيس السابق/ علي عبدالله صالح الذي أسقطته احتجاجات ثورية أواخر العام 2011م، لكن امتلاكه للسلاح وبعض الولاءات في صفوف الجيش ومسئولي نظامه إلى جانب ما يمتلك من أموال جعلته يمارس الانتقام من خلال تغذية الصراعات في أكثر من جبهة، ومع أكثر من طرف، حتى أن سقوط المدن في قبضة الحوثيين لم يتم بهذه الصورة لو لم يحظ بمساعدة (أنصار الزعيم)،  الذي قرر إرباك المشهد بهذا الشكل.

المحصلة في اليمن: مزيد من الحروب يشنها الأنصار (أنصار الله  وأنصار الشريعة وأنصار الزعيم)، يعني مزيد من المعاناة تدفع ببقية اليمنيين للهجرة التي يضطرون إليها يوميا بفعل حروب الأنصار المستمرة.

(لقد بات اليمنيون مهاجرين بفعل الأنصار)، بهذه العبارة توجز كاتبة يمنية الوضع في بلادها.

 

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *